محامون وقضاة يؤكدون أن استقلال القضاء مدخل أساسي لدولة الحقوق والحريات

أجمع محامون وقضاة على أن استقلال القضاء الذي نص عليه دستور 2011، يعد مدخلا أساسيا لدولة الحقوق والحريات، لكنهم أكدوا، في الوقت ذاته، على ضرورة تكريس استقلال القاضي واستقلال المحامي.

وفي هذا السياق، أكد عزيز رويبح نقيب هيئة المحامين بالرباط، على أن استقلال القاضي واستقلال المحامي يعد شأنا مجتمعيا، يهم الجميع، داعيا إلى ضرورة الانخراط في دينامية الإصلاح والتخليق، وذلك بعد أن كرس الدستور استقلال السلطة القضائية، مشيرا إلى أن استقلال السلطة القضائية والنيابة العامة، يفرض مواكبة وتقييم مستمر للتطورات التي يعرفها الحقل القضائي، والتحولات النوعية التي طرأت.

واعتبر عزيز الرويبح، أثناء مداخلته ضمن فعاليات اليوم الدراسي الذي نظمته هيئة المحامين بالرباط بشراكة مع نادي قضاة المغرب والجمعية المغربية لمكافحة الرشوة، والجمعية المغربية لاستقلال القضاء، حول موضوع ” الضمانات القانونية والمؤسساتية لاستقلال القضاة والمحامين”، يوم السبت الماضي بالرباط، (اعتبر) أن المحاماة شأن سياسي بامتياز في كل الدولة التي تعلي شأن الحريات وحقوق الإنسان، منتقدا الإجراءات التشريعية التي تضمنها مشروع المسطرة المدنية والتي “تقزم” في نظره حق الدفاع  وتقزم الحق في الولوج إلى العدالة.

وقال نقيب هيئة المحامين بالرباط “إن المحاماة توأم سيامي للقضاء، وحصانتها جزء أصيل من حصانة القضاء، والذين يحاولون التشويش على هذا التوأم من المؤكد أنهم لا يؤمنون بعمق العدالة ولا بدولة الحق والقانون” مؤكدا على أنه لا يمكن “فصل هذا التوأم السيامي وأنه من العبث محاولة ذلك، محذرا في الوقت ذاته، من محاولات التشويش على علاقة المحاماة بالقضاء، خاصة في ظل التعاون الذي بدأ واضحا، اليوم، بين جيل من القضاة والمحامين.

وبحسب عزيز الرويبح، فقد أظهرت التجارب أن تصور الدولة للمحاماة واستقلاليتها هو اختيار سياسي، مشيرا إلى أنه كلما كان الإيمان بالحريات والحقوق قائما كلما كانت حرية الدفاع أولوية لدى الدولة، وكلما ضاق ذلك وتوارت المحاكمة العدالة والولوج الآمن إلى العدالة دون تمييز بين المواطنين كلما كان التضييق على المحامي اختيارا أيضا للدولة تعبر عنه بخطاباتها ومواقفها وسياساتها التشريعية الخاصة بالعدالة.

وبدوره أكد عبد الرزاق الجباري رئيس نادي القضاة على أن استقلال القضاء هو مكرس في الدستور وأن المطلوب اليوم هو استقلال القاضي واستقلال المحامي، مشيرا إلى أن هناك ترابط قوي بينهما، لأن هدفهما، يضيف المتحدث، هو تحقيق العدل، لأن ما يلزم القاضي يلزم المحامي فاستقلال القاضي هو حق للمحامي وحق للقاضي وحق للمتقاضي، كما أنه استقلال واجب على القاضي والمحامي كما هو اجب على الدولة.

وقال عبد الرزاق الجباري ” إنه لا يمكن للقاضي والمحامي أن يدافعا عن استقلالهما إلا إذا كانا متشبثين بثقافة النزاهة، وكانا نزيهين فعلا، لأن ما يقابل النزاهة هو الفساد، وإذا كان هناك قاض أو محام فاسدا ينتزع منه هذا الاستقلال ولا يمكن أن يكون نزيها في عمله”، مؤكدا على أن الأدوار التي يضطلع بها القاضي والمحامي هي أدوار تكميلية لأن المحامي هو الذي يتولى الدفاع عن حقوق الأفراد والجماعات، والقاضي هو الذي يحمي هذه الحقوق.

وربط رئيس نادي القضاة بين استقلال القضاة والحق في التعبير، مشيرا إلى أن الدولة ملزمة بضمان حق القاضي في التعبير وممارسة العمل الجمعوي بكل حرية، مؤكدا على أن ذلك أساسي لاستقلال القضاء.

من جانبه، ذكر الحسين الزياني رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، أن موضوع استقلال المحامين والقضاة، له راهنيته وله أهميته، ويعتبر مفصليا في هذا السياق، لأن التفكير في استقلال القضاء والمحاماة في بعده المؤسساتي والحقوقي، يعتبر في نظر المتحدث، حجر أساس لبناء دولة الحق والقانون.  

ويرى الحسين الزياني أن المفهوم الحقيقي لفصل السلط هو أن تخضع جميع السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية للقانون، فلا ازدهار ولا تقدم ولا أداء إلا بتحقيق هذا الاستقلال، في بعده وعمقه الشمولي، يقول نقيب المحامين بالمغرب، الذي أضاف ” أن جمعية هيئات المحامين بالمغرب كانت دائما تدافع عن استقلال القضاء والمحاماة؛ بل إن من بين ما ينص عليه القانون الأساسي للجمعية الدفاع عن استقلال القضاء، وكان منظور الجمعية للموضوع من زاوية أنه لا يمكن تكريس دولة الحق والقانون إلا بتكريس وتعزيز استقلال القضاء وتكريس قوته”.

بدوره أفاد عبد العزيز النويضي الكاتب العام لترنسبرانسي المغرب، أن المحاكمة العادلة تعد شرطا أساسيا في محاربة الفساد، لأن القضاء هو الملاذ الرئيسي لضحايا الفساد، ووسيلة ناجعة للوقاية منه، مشيرا إلى أن استقلال القضاء هو مرتبط بنزاهة واستقلال القاضي والمحامي على حد سواء، وذلك يرتبط في نظره بضرورة توفير تكوين جيد وشروط عمل ملائمة.

وأوضح عبد العزيز النويضي أن استقلال القاضي، لا يحصل إلا من خلال شعور هذا الأخير بالأمن المهني، وقناعته بكون ترقيته ونقله، بل ومصيره المهني عموما، يرتبط بحسن أدائه ونوعية اجتهاده ونزاهته، وليس بولائه لهذه الجهة أو تلك ، وأن حمايته الحقيقة تأتي من خلال قوانين جيدة ومؤسسات مستقلة، تقرر في مصيره المهني وفق معايير مضبوطة.

ولفت النويضي الانتباه إلى موضوعتأخر إصدار القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين، والذي يضمن حق المتقاضين في الدفع بعدم دستورية القانون، وهو إجراء نص عليه الدستور، وحمل المسؤولية للمحكمة الدستورية التي قررت بعدم دستورية هذا القانون بذريعة أن المجلس الوزاري لم يصادق على المشروع، في حين أن المنصوص عليه هو التداول وليس المصادقة في المجلس الوزاري.

من جانبه، دعا عبد الطيف الحاتمي عن الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، إلى تشكيل مجلس استشاري مكون من المحامين والقضاة، على غرار التجربة الفرنسية، يكون بمثابة فضاء للتواصل وتبادل الخبرات التجارب.

وأكد على أهمية تلاقي المحامين والقضاة للدفاع عن استقلالهم، منوها بانفتاح نادي القضاة على المحامين والدفاع عن استقلال القضاء والمحاماة، وقال “إن العلاقة بين القضاة والمحامين لم تكن جيدة، لدرجة أنه كان يقال بأن القضاة كان يتم تكوينهم على أساس الحذر من المحامين وكأنهم أعداء”.

  محمد حجيوي

Top