المهرجان الدولي لسينما بلدان حوض المتوسط يواصل رحلته الثالثة والعشرين بتطوان

ضمن فعاليات البرنامج الثقافى للدورة 23 من المهرجان الدولي لسينما بلدان حوض المتوسط بتطوان، الذي يواصل رحلته منذ ال 25 من الشهر الجاري، انعقدت صباح الاثنين الماضي، مائدة مستديرة حول موضوع  “الأعمال الأولى في السينما المغربية”، الندوة التي رامت استحضار وجهة نظر السينمائيين والمثقفين والمهنيين والنقاد المغاربة الحاضرين، بخصوص العديد من الأسئلة حول راهنية المشهد السينمائي المغربي.
وقد شهدت هذه المائدة التي نشطها كل من النقاد السينمائيين مبارك حسني، ونورالدين بوخصيبي، وبوكر الحيحي، وسيرها الناقد إدريس القري، حضور إعلاميين ونقاد وسينمائيين مغاربة بارزين من أمثال محمد عبد الرحمان التازي ولطيف لحلو وعبد الله بايحيا وداوود أولاد السيد وحسن بن جلون الذين تحدثوا خلال مداخلاتهم عن وجهات نظرهم في الموضوع حسب تجاربهم السينمائية.
 وفي مداخلته ركز مبارك حسني على كون جزء كبير من مشكل السينما المغربية يتلخص في الأعمال الأولى، كقطيعة وكعلامة فاصلة في نفس الوقت، بداية مشوار ونهاية تأسيس غير مضمون.  معتبرا أن السينما تختلف عن الكتابة والتشكيل لكونها مقاولة وأن الفعل لا يتأتى فيها بسهولة، خصوصا أن المخرج عليه أن يواجه واقعا سينمائيا سابقا. فلطالما كان الظن محسوما بخصوص السينما ذات التوجهات الثقافية والفنية، لكننا أصبحنا نرى خلال السنوات الاخيرة اشكالا سينمائية تراهن على الجمهور وشباك التذاكر، ويضيف المتدخل أن السينما، كما الأدب والتشكيل والفنون الأخرى تتميز دوارها الابداعية والثقافية. و أوضح أن السينما المغربية ظلت ولمدة أربعة عقود تمر من مرحلة الفيلم القصير حتى فترة التسعينات التي عرفت دخول قادمين شباب من المخرجين المغاربة المقيمين بالخارج،  مغامرة الانجاز السينمائي، حيث تم الإجماع حينها على أن أعمالهم كان فيها إبداع كبير، وتضمنت قيم مضافة الى المشهد السينمائي الوطني، أما الآن وبعد مرور عشرين سنة يبدو أن هذا اليقين كان متعاليا بحيث انتظرنا طويلا قبل أن نشاهد الأفلام الروائية الطويلة لهؤلاء الذين غلب الطابع الغربي على أفلامهم التي ركزت في مجملها وأغلب الأحيان على مشاكل المغاربة خارج المغرب، وخلص حسني الى القول اننا لم نر إضافة كبيرة من ناحية النوع وفي المقابل كان هناك مخرجون آخرون أنجزوا أفلامهم القصيرة الأولى في فترة التسعينات لكن تم تناسيهم.
 المتدخل بوبكر الحيحي اختار تناول تيمة العمل الأول انطلاقا من فيلم “النهاية” لهشام العسري والذي حاول فيه إعادة ابتكار السينما برؤى جديدة تجعل المتفرج العادي وغير العادي أيضا يجد صعوبة في استقبال الفيلم، خصوصا أن العسري يضيف المتدخل لا يكترث بمسألة المال والمردودية المادية لأفلامه الأمر الذي لا يجعله يسقط تحت طائل سلطة ما يريده الجمهور، وهكذا يضع الحيحي هذا الفيلم في صنف ما بعد الحداثة التي من مميزاتها استغلال المجال الرقمي الذي يساهم في خفض الكلفة المادية، وهذا بالضبط ما نجده عند العسري الذي امتلك القدرة على إخراج هذا الفيلم وأفلام تلته بدون الاستفادة من دعم الدولة.
 بعد ذلك فتح باب النقاش الذي كان مثمرا خصوصا فيما يتعلق بالحالة التي تشهدها السينما المغربية حاليا، سواء من خلال ما صنعه الرواد وانطلاقا من أفلامهم الأولى، أو الآن من خلال دخول الجيل الشاب للمشهد بأفلامهم الأولى التي حسب المداخلات قليلا ما يكون الباعث وراءها ما هو ثقافي وإبداعي بقدر ما يكون باعثا ربحيا وماليا وبحثا عن وجاهة فنية.
 هذا، وينتظر أن تنطلق يوم غد ندوة محورية تحت عنوان “عندما تخترق السينما الحدود التي يضعها الإنسان”، والتي ستستمر على مدي يومين، وتهدف إلى مقاربة موضوع الحدود وتجارب اختراقها، كما تبدو من خلال عين الكاميرا المتوسطية، وكذلك إلى تسليط الضوء على ظاهرتي الحدود والهجرة كما تتجليان من خلال التعبيرات السينمائية.
 إلى ذلك، ستعالج الندوة موضوع الحدود التى قد تنشأ بين الأشكال التعبيرية، كالسينما والأدب، والفيلم الوثائقى والفيلم الروائى مثلا.
 مستحضرة العديد من الأسئلة ذات الراهنية من بينها:
كيف يتعامل السينمائيون مع الحدود، عبر مكونات سينمائية، مثل الصوت والصورة والشخصيات والفضاءات؟ وكيف تقترب السينما المتوسطية، وبطرائق مختلفة، من الإشكالات المتصلة بالمجالات المحددة وبالحدود؟ ولماذا لا يكون لهذه الأعمال السينمائية وقع على المسؤولين؟ ثم ما هي أنواع الحدود التي يتكرر حضورها في السينما المتوسطية؟
 وحسب ورقة أعدتها إدارة المهرجان، فقد “شكلت قضية الحدود محور العديد من الروايات والملاحم والأفلام، ومنذ قرن فقط، كان بإمكان عموم الناس أن يتنقلوا من بلد إلى آخر دونما حاجة إلى تأشيرات وإلى دعوات ممهورة بتوقيعات مسؤولين صارمين”.
 أما اليوم، تضيف الورقة، فقد “برزت حدود جديدة وخطوط عازلة وجدران عار معززة بأسلاك في العديد من الأماكن”، على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، الذي تحول من «فضاء مبادلات وتعايش، إلى مقبرة لآلاف المغاربيين والأفارقة القادمين من بعيد والفارين من جحيم بلدانهم”.
 يذكر أن مهرجان تطوان الدولى للسينما المتوسطية، الذي يواصل فعاليات دورته الثالثة والعشرين حتى فاتح أبريل، ظل يراهن، منذ انطلاقته خلال منتصف ثمانينيات القرن الماضى – على اعتباره مهرجانا مغربيا رائدا- على تنظيم برنامج ثقافى حافل بالندوات والموائد المستديرة، مؤثث باللقاءات النقدية، والجلسات الخاصة بمناقشة الأفلام، من أجل إثراء النقاش حول السينما فى المغرب والفضاء المتوسطى.

مبعوث بيان اليوم الى تطوان: سعيد الحبشي

Related posts

Top