التصعيد الجزائري مستمر

صارت تتوالى في الفترة الأخيرة الخرجات العجيبة لمسؤولي النظام الجزائري الموجهة للمغرب، حتى بات يبدو كما لو لم يعد له أي انشغال داخلي أو دولي عدا استهداف المملكة ومحاربتها والتصعيد تجاهها. لقد نسبت صحف جزائرية قبل أيام للمتحدث باسم الخارجية، تأكيده أن بلاده تنحو نحو مقاطعة المغرب، أو تخفيض أي حضور جزائري للقاءات التي تقام في المغرب، بغض النظر عن أهميتها، وكل هذا لأن القضاء المغربي أصدر عقوبة اعتبرتها الجزائر مخففة في حق شاب اعتدى على العلم الجزائري المثبت في أعلى بناية القنصلية في الدار البيضاء.
المبتدئون في السياسة، وفي الشؤون الديبلوماسية يعرفون أن القضاء مستقل، ويستغربون لرد الفعل الجزائري، ويتساءلون عن الحكم الذي كان سيشفي غليل الجنرالات هناك، فالمطالب تجاوزت حتى شروط الاحترام المفروض توفرها في مخاطبة الدول.
لم يكن التصعيد الجزائري المعبر عنه من لدن المتحدث باسم الخارجية فريدا أو منعزلا، وإنما كان واحدا من ضمن تجليات أخرى للتصعيد الممنهج الذي بات لصيقا بسلوك النظام الجزائري في الفترة الأخيرة، ولهذا فالعقدة توجد في العلاقة مع المملكة أولا وأخيرا.
أمس الثلاثاء صادق البرلمان الأوروبي، خلال جلسة عامة بستراسبورغ، على البروتوكول الجديد للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وكان ذلك بمثابة صفعة أخرى تلقاها النظام الجزائري بعد كل المناورات التي قام بها لمنع هذا التصويت، ولمناهضة الحقوق الوطنية للمغرب، وبالتالي، فالتصعيد سيستمر، لأنه يجسد عقلية مترسخة وسط النظام العسكري، وهو يستهدف الوحدة الترابية للمغرب ومصالحه الاقتصادية والإستراتيجية، ولن يتوقف عند الحكم على الشاب الذي اعتدى على العلم الجزائري.
في المقابل، يتضح أن التصعيد يتزايد ويكبر ويحتد كل ما اشتدت العزلة عن نظام الجار الشرقي للمغرب، ذلك أنه عندما تنجح المملكة مثلا في تقوية حضورها الديبلوماسي والعملي في افريقيا تصاب الجزائر بالسعار، وعندما تنجح الزيارة الملكية الى واشنطن تصاب الجزائر بالجنون، وعندما يؤكد البرلمان الأوروبي، أمس، في ستراسبورغ متانة الشراكة المغربية مع الاتحاد الأوروبي يخرج النظام العسكري الجزائري عن صوابه ويفقد الجنرالات ما تبقى لهم من عقل، وعندما تنتعش دينامية العلاقات المغربية الخليجية، أو يتنامى الطلب العالمي على عودة المغرب للفعل في مسلسلات السلام وحل النزاعات في الشرق الأوسط وإفريقيا وبلدان الساحل، وحده النظام العسكري الجزائري يبدأ في العويل والنحيب والسباب.
لكن في النهاية، الواضح هو أن النظام العسكري الجزائري كثرت دوائر عزله، وفقد كثيرا من المصداقية سواء وسط افريقيا وبلدان الساحل، أو على الصعيد الافريقي، وفي باقي المحافل الدولية، وبقي يدور حول نفسه في جنون وهيجان، ولم يستطع إدراك الديناميات الجديدة المتنامية محليا وعلى المستوى الدولي.
كم تحتاج الشعوب المغاربية فعلا إلى نظام عاقل في الجزائر.
[email protected]

Top