دورة البرلمان

تنطلق اليوم دورة أبريل بغرفتي البرلمان، وهي الدورة التشريعية الثانية منذ انتخابات سابع أكتوبر الماضي، وتأتي بعد دورة أكتوبر الأولى التي ميزها البياض العام نتيجة “بلوكاج” تشكيل الحكومة.
الدورة البرلمانية الربيعية، التي أعلن عن افتتاحها اليوم الجمعة وفق مقتضيات الفصل 65 من الدستور، ستشهد عقد جلسة الافتتاح، ثم ستعقبها، بالنسبة لمجلس النواب، جلسة عمومية أخرى تخصص لانتخاب المناصب الشاغرة في أجهزته، على أنه من المرتقب أن تنعقد لاحقا جلسة تقديم البرنامج الحكومي من طرف رئيس الحكومة وتنصيب الحكومة، وذلك طبقا لأحكام الفصل 88 من الدستور.
يعني هذا، أن دورة أبريل البرلمانية ستعرف عرض البرنامج الحكومي أمام مجلسي النواب والمستشارين، ودراسته ثم التصويت عليه وتنصيب الحكومة من خلال منحها ثقة مجلس النواب.
بعد ذلك ستشهد دورة البرلمان عرض ومناقشة مشروع قانون المالية، ثم دراسته وإقراره بموجب الفصل 75 من الدستور.
ولهذا، فإن أهمية دورة البرلمان هذه المرة تكمن أولا في ربح الوقت لفائدة بلادنا، أي الخروج بالحياة العامة من زمنية “البلوكاج”، وما كرسه من تداعيات و… جمود، وذلك من خلال عرض البرنامج الحكومي والتصويت عليه، أي استكمال إجراءات التنصيب البرلماني الرسمي للحكومة، ثم عبر إقرار قانون المالية، وبالتالي استعادة السير العادي لإدارة شؤون البلاد ومختلف مرافقها.
لقد عانت البلاد وكثير مصالح من تبعات “البلوكاج”، وعديد أشياء ومعاملات وبرامج توقفت وجمدت مساراتها على أرض الواقع، ومن ثم يجب اليوم الخروج السريع من كامل هذا المنغلق، قصد مباشرة مختلف الأوراش والالتزامات المطروحة، وتلبية انتظارات شعبنا ومطالبه الأساسية.
من جهة أخرى، تطرح على مختلف الهيئات السياسية الممثلة في غرفتي البرلمان مسؤولية التأسيس لمرحلة جديدة، وذلك أولا عبر إبراز وتمتين الانسجام بين مكونات الأغلبية الحكومية والبرلمانية، وتقوية الجدية في السلوك السياسي والتدبيري وفِي الخطاب وفِي العلاقات، ومن خلال المنجز العملي الملموس على أرض الواقع، وأيضا عبر إضفاء جدية مماثلة على خطاب وسلوك مكونات المعارضة، والارتقاء بفعل الرقابة والنقد للبرامج الحكومية والسياسات العمومية إلى المستوى الذي يستطيع بناء حوار سياسي عمومي رفيع ومنتج من داخل المؤسسة البرلمانية، وبالتالي جعل القبة هي الفضاء المركزي للسياسة في بلادنا، وتغيير صورتها السلبية العامة لدى المواطنات والمواطنين.
الأجندة التشريعية المطروحة على غرفتي البرلمان تتضمن، من جهتها، قضايا أساسية، سواء كقوانين أو أيضا كقوانين تنظيمية، وذلك بغاية استكمال المخطط التشريعي الذي يفرضه تطبيق مقتضيات دستور 2011 وتنزيل نصوصه وهياكله، بالإضافة إلى ما تقتضيه أوراش ومخططات إصلاحية في ميادين متعددة.
ولإنجاح كل هذه الرهانات الجوهرية، تتوجه الأنظار بالخصوص إلى الغرفة الأولى، بحكم ما يتوفر لها من صلاحيات، وأيضا باعتبار وجود رئيس جديد لها، وبالتالي، فالتقييم سيستحضر، بالضرورة، مجموع المهمات المشار إليها أعلاه، إلى جانب أيضا منظومة العمل بداخل المؤسسة ذاتها، وقيامها بأدوارها في الرقابة وفِي الديبلوماسية وفِي إشعاع أجواء الحوار والمشاركة والتعاون بين كل مكوناتها الحزبية والتمثيلية، وفِي علاقتها بمحيطها العام مع منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام ومراكز البحث العلمي.
إن البرلمان هو من يجب أن يقود دينامية الإصرار على التعددية والحوار الإيجابي بين مختلف تيارات الرأي والفكر، وهو الذي يجب أن يعكس في كل أعماله ومواقفه وآلياته هذا الحرص على الديمقراطية والمشاركة وتمكين مختلف الحساسيات من شروط العمل وحق التعبير.
دورة أبريل البرلمانية هي إذن ليست مجرد انعقاد تشريعي عادي وروتيني، أو مجرد سلوك مؤسساتي شكلي، ولكنها، بحكم ما هو مطروح اليوم على البلاد من تحديات وانتظارات وما عاشته طيلة شهور من “بلوكاج”، تعتبر محطة أساسية على كل الأطراف المساهمة في إنجاحها، وبالتالي جعل مخرجاتها ونتائج أشغالها وقراراتها تعيد للبلاد ديناميتها على كل الأصعدة.

محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم ,

Related posts

Top