عمر هلال يبرز بالأمم المتحدة تشبث جلالة الملك بقيم التعايش والتسامح

أبرز السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أول أمس الثلاثاء، بنيويورك، تشبث المغرب الراسخ والثابت، تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس، بقيم التعايش ومكافحة خطاب الكراهية واللاتسامح.
جاء تصريح هلال خلال حدث رفيع المستوى نظمته البعثة الدائمة للمغرب لدى الأمم المتحدة والمكتب الأممي لمنع الإبادة الجماعية، بمناسبة اليوم الدولي الثالث لمكافحة خطاب الكراهية، حول موضوع “الاستثمار في قدرة الشباب على التصدي لخطاب الكراهية ومكافحته”.
وتم اعتماد هذا اليوم الدولي، الذي يتم تخليده في 18 يونيو من كل سنة، من قبل منظمة الأمم المتحدة، بمبادرة من المملكة في يوليوز 2021.
وفي هذا السياق، أشار هلال إلى أن جلالة الملك تفضل بإعطاء تعليماته السامية من أجل وضع الشباب المغاربة في صلب أي استراتيجية تنموية مندمجة، من خلال تبني سياسات تتمحور حول مبادئ تكافؤ الفرص، والتعليم ذي الجودة، والتربية على المواطنة، والتمكين الثقافي والمهني.
وأوضح الدبلوماسي أن الهدف يتمثل في الحرص على حماية الشباب من أي سلوك هامشي محفوف بالمخاطر، وتمكينهم من العمل باعتبارهم فاعلين في التغيير داخل المجتمع، مبرزا أن انخراط الشباب المغربي في مكافحة خطاب الكراهية والتطرف داخل المجتمع “أثبت نجاعته” في مكافحة كافة أشكال الإقصاء الاجتماعي، ومن ثم تبرز وجاهة الاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب (2015-2030).
وأشار السفير إلى أن المغرب يولي أهمية قصوى للدور المحوري للمجتمع المدني وجمعيات الشباب، مذكرا بإحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي في يوليوز 2011.
وسجل أن المغرب يتوفر حاليا على حوالي 50 ألف جمعية في مختلف أنحاء التراب الوطني، تنشط في عدة مجالات تشمل التعليم، والإدماج الاجتماعي، والصحة، والرياضة، والقيادة السياسية، والدفاع عن حقوق الإنسان وتنمية الشباب، مضيفا أن عمل هذه الجمعيات يسهم في تحصين الشباب المغربي من آفة خطاب الكراهية وتعزيز دورهم باعتبارهم فاعلين في التغيير.
وأكد السفير هلال أن جلالة الملك جدد التأكيد على أهمية إدماج الشباب، في رسالته الموجهة إلى المنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، المنعقد في نونبر 2022 بفاس، حيث أكد جلالة الملك على أن الحوار يجب “أن يكون حوارا بين الأجيال، يشرك الشباب ويستشرف المستقبل. فالشباب لا يمثل فقط الأجيال التي علينا تحصينها ضد ويلات الحرب وضد خطاب الكراهية بمختلف أشكاله، بل هم الأجيال نفسها المنخرطة فعليا في صنع السلام”.
من جانب آخر، أشاد المتدخلون خلال هذا الحدث بدور المملكة وريادتها في مجال مكافحة خطاب الكراهية بجميع أشكاله، بما في ذلك داخل الفضاء الرقمي حيث يتفشى هذا الخطاب. وأشاروا إلى أن هذا اليوم الدولي يعد بمثابة تذكير بأهمية التصدي بشكل مشترك لخطاب الكراهية وتعبئة جهود كافة مكونات المجتمع، بما في ذلك الشباب، من أجل التغلب على هذه الآفة.
وكرس انعقاد هذا الحدث رفيع المستوى دور المملكة، تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك، باعتبارها رائدا إقليميا ودوليا في مكافحة خطاب الكراهية. كما يشكل اعترافا بمبادرات المغرب الحثيثة من أجل النهوض بقيم التعايش والعيش المشترك والحوار عبر العالم.
عرف هذا الحدث قراءة رسالة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أبرز فيها أن “الشباب غالبا ما يكونون الفئة الأكثر تضررا من خطاب الكراهية، وبالتالي يجب أن يكونوا جزءا من الحل”.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنه “يقع على عاتق الحكومات، والسلطات المحلية، والقادة الدينيين، ورواد الأعمال، وقادة المجتمعات المحلية، واجب الاستثمار في النهوض بالتسامح، والتعددية، والإدماج، ومناهضة خطاب الكراهية بجميع أشكاله”.
من جانبه، شدد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، دينيس فرانسيس، في رسالة مسجلة، على ضرورة تجسيد قيم الوئام والتسامح والتفاهم والاحترام، التي تعتبر أساسية من أجل مجتمعات سليمة.
وقال “هذه كيفية إشراك 1.2 مليار شخص على هذا الكوكب. الشباب، الذين يمثلون 16 بالمائة من سكان العالم، هم الأكثر اتصالا بالإنترنت. وهم غالبا أول من يتعرض للكراهية عبر الإنترنت، كأهداف أو ضحايا. أو شاهدين على ذلك، ويضطلعون بدور حيوي باعتبارهم فاعلين في التغيير الإيجابي”.
تميز هذا الحدث، الذي عرف مشاركة العديد من السفراء والدبلوماسيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة، بتقديم مداخلات شباب وعدد من مسؤولي الأمم المتحدة، لا سيما مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشباب، والمستشار الخاص المعني بحقوق الأطفال في اليونيسف، والمستشار الخاص للمكتب المعني بقضايا العنف ضد الأطفال، إلى جانب ممثلين عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة.

هذا ويشكل الاحتفال باليوم الدولي لمناهضة خطاب الكراهية مناسبة لتسليط الضوء على الدور الطلائعي للمملكة المغربية في مجال مناهضة كافة أشكال التمييز العنصري والديني، وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، والنهوض بتعليم قائم على الإدماج وعدم التمييز والسلم.
ويكتسي هذا اليوم، الذي يحتفل به في 18 يونيو من كل سنة، رمزية خاصة بالنسبة للمغرب، لأنه بمبادرة منه تم اعتماده لأول مرة من قبل منظمة الأمم المتحدة في يوليوز 2021، مكرسا بذلك مكانة المملكة وتاريخها الحضاري الغني والعميق، الذي تميز بتقليد طويل من التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين المجتمعات الدينية.
ففي سياق يتأثر بشكل متزايد بتصاعد خطاب الكراهية في العديد من مناطق العالم وأعمال وصم المهاجرين واللاجئين والأقليات، من المهم تسليط الضوء على المراحل التي برزت فيها المملكة لحماية الأقليات وإشاعة قيم السلام والتعايش.
وهكذا، عمل المغرب على تعزيز مكافحة التمييز العنصري وخطاب الكراهية على الصعيدين الوطني والدولي، مع إقرار دستور سنة 2011، الذي يؤكد، في ديباجته، على قيم التعايش الديني والثقافي، ويعزز الإطار التشريعي والمؤسسي للنهوض بثقافة القبول بالآخر والاعتراف والاحترام المتبادل، مع العمل على نبذ الصور النمطية والكراهية.
كما عززت المملكة إطارها التشريعي والمؤسسي بإطلاق، اعتبارا من سنة 2014، سياسة إنسانية وشاملة وعملية للهجرة واللجوء، مما مكن من توفير إطار قانوني يضمن للمهاجرين من كافة الأصول حقوقهم الأساسية. كما انخرط المغرب في جهود مكافحة خطاب الكراهية من خلال مراجعة شاملة لمنظومته التربوية، مع إدماج مفاهيم الإيثار والتنوع الديني في جميع مراحل التعليم العام، بما في ذلك إصلاح المؤسسات التعليمية الدينية مثل جامعة القرويين، ودار الحديث الحسنية، إضافة إلى جميع البرامج التعليمية الإسلامية.
وتميز معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، الذي تأسس سنة 2014، بتوفير التكوين العملي والنظري في الشريعة، بالإضافة إلى مجموعة من التخصصات الإنسانية التي يحتاجها الأئمة والخطباء لاستيعاب السياق الذي يتطورون فيه.
كما قدم المغرب مساهمة كبيرة في المبادرات الدولية الرامية إلى مكافحة خطاب الكراهية. ففي سنة 2022، اعتبرت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أليس وايريمو نديريتو، المملكة بأنها “القوة الدافعة” وراء اعتماد الأمم المتحدة قرار الإعلان عن اليوم الدولي لمناهضة خطاب الكراهية.
كما أشادت المسؤولة الأممية بجهود المغرب متعددة الأطراف لمكافحة خطاب الكراهية، مبرزة قيمة وحصافة خطة عمل فاس حول دور القادة الدينيين لمنع التحريض على العنف.

Top