الصحراء

عند كل تطور تشهده قضية وحدتنا الترابية، ولو كان بسيطا، وعند كل تجاهل دولي أو إقليمي للجبهة الانفصالية، يخرج قادتها بتصريحات تهدد المغرب بالعودة إلى الحرب والى حمل السلاح، وهذه الحكاية تتكرر منذ سنوات، حتى بات الكثيرون في العالم يسخرون من هكذا ألاعيب بهلوانية يجري إخراجها في الجزائر ويتم بثها بواسطة ممثلين من تيندوف.
هكذا صرح هذه المرة المسمى خطري أدوه رئيس ما يُدعى بـ «البرلمان الصحراوي» ـلدى زيارته الأخيرة إلى الجزائرـ بأن «جبهة البوليساريو لن تنتظر طويلا للعودة إلى الكفاح المسلح ضد المغرب»، مضيفا بأن جبهته «لم تُسرّح جنودها ولم تُسلِّم أسلحتها».
وبقدر ما أن مثل هذه التصريحات لم تعد تخيف أحدا، ولم يعد الكثيرون في العالم يتعاملون معها بجدية، بل يعتبرونها مجرد فقاعات كلامية ودعائية، وموجهة للتأثير على المحتجزين، وعلى الرأي العام الدولي بغاية مزيد من المساعدات التي حولت عناصر قيادة الجبهة إلى أثرياء حرب، فإنها أيضا تكشف الوجه الحقيقي للانفصاليين، وعدم قدرتهم على التقدم نحو السلام، أو المساهمة الجدية في صنعه، وبالتالي عرض أفكار ومقترحات جدية خارج مثل هذا الكلام المكرور.
اليوم تتطلع المملكة إلى الأمين العام للأمم المتحدة كي يشرع في الدفع نحو تعيين مبعوث شخصي جديد له لخلافة الأمريكي كريستوفر روس، وقد برزت مؤشرات في الفترة الأخيرة تؤكد أن هناك انشغالا دوليا وإقليميا بموضوع الاتفاق على المبعوث الأممي الجديد، وإعادة المسلسل التفاوضي إلى سكته الجدية، خاصة بعد الموقف الفرنسي والإشارات التي تضمنتها تصريحات رئيس الديبلوماسية الاسبانية أثناء زيارته الأخيرة للرباط، كما أن  تعيين الألماني «فولفغانغ فيسبروت فيبر» على رأس بعثة (المينورسو)، خلفا للمصري هاني عبد العزيز يعتبر خطوة لا تخلو من دلالات ، بالنظر إلى أخطاء سبق أن وقع فيها عبد العزيز بدوره.
إن هذه المؤشرات هي التي تدفع قادة الجبهة لمثل هذه الخرجة الدعائية، بالإضافة إلى تنامي مخاوف الكثيرين من تورط انفصاليي تيندوف في مخططات إرهابية وإجرامية في منطقة الساحل الإفريقي، ما يجعل جماعة المراكشي تسعى إلى تفادي بروز دلائل عن هذا التورط الذي بات يحذر منه أكثر من طرف دولي وإقليمي.
المسؤولية اليوم إذن منوطة بالأمم المتحدة لتقدم على خطوات من شأنها إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات تحت إشراف مبعوث جديد متوافق عليه، ووفق منهجية واضحة المساطر والأفق، كما أن المغرب مطالب، داخليا، بتقوية يقظته وتعبئته، أي تمتين جبهته الداخلية، وإنجاح أوراشه الإصلاحية والديمقراطية والتنموية، وضخ المزيد من الدينامية في ديبلوماسيته من أجل الدفاع عن وحدته الترابية وسيادته الوطنية.
[email protected]

Top