كرتنا المريضة

مني المنتخب الوطني لكرة القدم بهزيمة كبيرة ومهينة أمام منتخب تنزانيا، وصار التأهل إلى مونديال البرازيل، حلما بعيد المنال، ما يعتبر خيبة جديدة لكرة القدم الوطنية تضاف إلى سلسلة الخيبات التي عانت منها طيلة العقد الأخير.
لقد صفقنا لاختيار المدرب الوطني رشيد الطاوسي على رأس النخبة الوطنية خلفا لغيريتس، ودعونا إلى مساندته وتمكينه من كافة شروط العمل، وكذلك فعل الكثيرون داخل الأوساط الرياضية والإعلامية وخارجها، ولازلنا، من حيث المبدأ، نشدد على أهمية الثقة في الكفاءات الوطنية، لكن في نفس الوقت لابد أن نسجل اليوم أن الخطأ في مباراة تنزانيا كان قاتلا، وقد صفعنا جميعا بهزيمة مذلة ومهينة. نعم في كرة القدم احتمال الانهزام وارد كما احتمال الانتصار أو التعادل، لكن استحضار الإيقاع العام للمباراة، وتقييم الأحجام ومستويات العطاء يجعلنا مقتنعين أن أخطاءنا هي التي هزمتنا، وليس قوة الفريق الخصم، وفي ذلك يتحمل الناخب الوطني المسؤولية الكبيرة.
إن الإصرار على إقحام لاعبين بلا أية تجربة أو نضج في مباراة حاسمة كهذه يعتبر خطأ، والتفريط في كل اللاعبين المحترفين والمجربين دفعة واحدة يعتبر أيضا خطأ، ومسايرة خطاب شعبوي غير مسؤول حول اللاعب المحلي واللاعب المحترف يعتبر أكبر الخطايا، والتغيير شبه الكلي للتشكيلة التي برزت في دورة ««الكان» هو أيضا خطأ غير مفهوم، والوقوف الجامد من دون أية تدخلات لتغيير الخطط داخل زمن المباراة، والاكتفاء بالتفرج على تهاطل الأهداف في شباكنا يعتبر خطأ، بل وسلوكا غريبا، ثم إن اللجوء إلى مبررات تافهة لتفسير الهزيمة، مثل المناخ والرطوبة ومسؤولية اللاعبين يعتبر قمة اللامسؤولية والاستخفاف.
من جهة ثانية، سيكون من الخطأ اليوم تركيز القراءة على المباراة ضد تنزانيا، والاكتفاء بنتيجتها وحدها، وإنما من الضروري اليوم مساءلة المنظومة الوطنية العامة لكرة القدم المغربية، والسعي لإعمال تغيير جذري من أجل ولوج مرحلة جديدة فعلا.
الأفق اليوم يبقى هو الدورة المقبلة لكأس إفريقيا لكرة القدم التي ستقام في بلادنا، وعلينا أن نكون جاهزين لها من خلال امتلاك منتخب قوي ومنسجم وبإمكانه الحضور وأيضا الفوز بالكأس، ومن أجل بلوغ هذا الهدف لابد من الاستعداد من الآن.
ولهذا لابد أن ننكب على مستوى بطولتنا الوطنية، وعلى الممارسة الكروية المحلية في مختلف مستوياتها، وأيضا على المشاركات الإفريقية للأندية الوطنية ولمختلف المنتخبات، ولابد أن نهتم بالمنظومة القانونية والإدارية والتنظيمية والتقنية والتمويلية لكرتنا الوطنية، فضلا عن منظومة التسيير على صعيد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وكل هذا من أجل التأسيس لدينامية جديدة تكون مبنية فعلا على أسس واضحة وعلمية وجدية، وتنسجم مع الزمن المغربي الجديد القائم على ربط المسؤولية بالمحاسبة، والمرتكز إلى محاربة الفساد والريع وترسيخ دولة القانون في مختلف المجالات.
الوقت اليوم هو للعمل، ولخطاب العقل، وليس للشعبويات والمزايدات التي نبتت من حوالينا بغاية تصفية حسابات صغيرة جدا.

Top