علماء المغرب يتصدون للعنف ضد المرأة

قدم مركز الدراسات والأبحاث في القيم بالرابطة المحمدية للعلماء، مؤخرا بالرباط، نتائج دراسة حول “جرد مفاهيم نبذ العنف عن المرأة في القرآن الكريم والسنة المطهرة” تتناول بالوصف والتحليل هذه المفاهيم في إطار توظيف المقاربة العلمية للوقاية من هذا العنف وتصحيح الفهم الخاطئ السائد عن بعضها.
وتتوخى هذه الدراسة، التي أنجزتها الأستاذة حكيمة الحطري، مديرة مختبر الدراسات الفقهية والقانونية وحقوق الإنسان بكلية الشريعة التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، استخراج المفاهيم والأحكام الواردة في القرآن والسنة النبوية ذات الصلة بالتصدي للعنف ضد المرأة، وتصنيفها حسب ما يصطلح عليه اليوم بمكافحة العنف المبني على النوع الاجتماعي، إلى جانب قراءة تفسيرية لبعض المفاهيم والأحكام التي يرى منها العموم، عن سوء فهم، أنها تشجع على العنف.
وأوضحت الأستاذة الحطري، في عرضها لنتائج هذه الدراسة، أن هذه الأخيرة جاءت أيضا لدفع العديد من التهم والشبهات التي يلصقها الكثير بالإسلام، بغرض التشويه وترويج صورة نمطية سلبية تربط العنف ضد المرأة بالشريعة الإسلامية، معتبرة أنها فقط بداية ورش عمل كبير حول مقارنة مفاهيم نبذ العنف في الشريعة وما جاء في القوانين والعلوم الإنسانية الأخرى.
وتعرض هذه الدراسة، حسب الحطري، في مقدمتها توضيحا حول مكانة المرأة في الإسلام من منظور القرآن والسنة، وحرص الإسلام على عدم إيذاء النساء، إلى جانب أمثلة من رد العنف عن المرأة في وقائع حدثت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وترصد الدراسة مفاهيم نبذ العنف في القرآن الكريم أولا بالتأكيد على المساواة بين الرجل والمرأة في التكريم والجزاء عن العمل الصالح ونيل العقاب ومن خلال حق المرأة في الحياة بعدم احتقارها واعتبارها جالبة للذل والهوان وحماية عرضها.
كما تتجلى هذه المفاهيم في آيات قرآنية تحث على تكريم الأم والإحسان إلى البنت وتربيتها وكفالتها، وحرية اختيار الزوج، ومراعاة شعور المرأة المعتدة من الوفاة، وحسن العشرة والرفق بالنساء والتأكيد على تبادل الود والرحمة بين الزوجين، إلى جانب مفاهيم نبذ العنف في حالة الطلاق وفي حفظ مال المرأة وإثبات استقلالية ذمتها المالية.
وتتكرر المفاهيم السابقة ذاتها في السنة النبوية الشريفة من خلال حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يكون قدوة للمسلمين في رد العنف عن المرأة عبر سلوكه الرفيع القائم على الرفق والإحسان، والحث، بالخصوص، على الاهتمام بالمرأة والرعاية الصالحة للبنت والعدل بين الأبناء والزوجات.
كما تعرض هذه الدراسة مفاهيم نبذ العنف ضد المرأة من خلال الأحكام الفقهية الخاصة بنظام الحضانة وحقوق الزوجة في الصداق والنفقة وعند الانفصال، ومشاركة المرأة في تنمية المجتمع عبر حقها في العمل والكسب والمشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية.
وتستقي الدراسة، في الشق الميداني، آراء العموم حول بعض المفاهيم المثيرة للجدل والتي تتخذ عن سوء فهم ذريعة لتبرير ممارسة العنف ضد النساء داخل المجتمع كالقوامة والهجر والنشوز والضرب، وكذا آراء فاعلين مؤسساتيين وباحثين أكاديميين في العلوم الشرعية حول الموضوع.
وتأتي هذه الدراسة في إطار الشراكة التي تربط بين صندوق الأمم المتحدة للسكان والرابطة المحمدية للعلماء، من أجل الارتقاء بالصحة الإنجابية والتربية الجنسية ومكافحة العنف المبني على النوع الاجتماعي، عبر اللجوء إلى المقاربة العلمية، المستندة إلى العلوم الاجتماعية والعلوم الشرعية، بإشراك العلماء، من أجل تفعيل آليات الوقاية من المخاطر المرتبطة بهذه المواضيع.

Related posts

Top