هل أثر وباء كورونا على تغير المناخ؟

عادت الحلقة ما قبل الأخيرة من برنامج “كليمايت ناو” على القناة الإخبارية لشبكة “يورونيوز” إلى العام 2020، العام الذي اجتاح فيه فيروس كورونا العالم أجمع مخلفا وراءه ملايين الإصابات والوفيات منذ ظهوره في الصين في ديسمبر. وكانت فرصة تم خلالها تقديم وجهة نظر بعض الخبراء من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية عن حالة المناخ.
وتؤكد أبرز البيانات الصادرة عن خدمة كوبرنيكوس للتغير المناخي التابعة للاتحاد الأوروبي، أنه إلى جانب عام 2016، كان عام 2020 الاكثر دفئا على الإطلاق، وكانت درجات الحرارة على مستوى العالم أعلى بمقدار 0.6 درجة مئوية عن متوسط 1981-2010.
وأنهى عام 2020 ما كان يصنف بأكثر العقود سخونة على الإطلاق.
وتسببت جائحة كورونا بإغلاق جميع أنحاء أوروبا. وأصبحت الشوارع خالية فجأة والهواء أنظف. وانخفضت مستويات التلوث بغاز ثاني أكسيد النيتروجين الناجمة عن المركبات إلى 50 بالمئة في بعض الأماكن.
الا ان هذه التغييرات لم تكن طويلة الأمد. ريتشارد إنغلن من خدمة مراقبة الغلاف الجوي في كوبرنيكوس يشرح السبب معتبرا أنه “بحال انخفضت الانبعاثات تنخفض التركيزات (ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى) ونفس الشيء بحال ارتفاعها لأن هذه الملوثات لها عمر قصير في الغلاف الجوي. فهي اما تتراجع إلى سطح الأرض من خلال هطول الأمطار على سبيل المثال، أو تتفاعل مع الغازات الأخرى في الغلاف الجوي، لذا فإن عمرها الافتراضي محدود”.
لذا ارتفعت معدلات تلوث الهواء في عام 2020 وانخفضت خلال فترات الإغلاق حينها، وانخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 7 بالمائة في العام الماضي.
وأجرى معدو البرنامج مقابلة داخل حديقة جنيف النباتية مع أوكسانا تاراسوفا رئيسة برنامج مراقبة الغلاف الجوي العالمي في المنظمة التي أكدت أن التراجع في الانبعاثات نتيجة الوباء ليس له تأثير ملحوظ على تغير المناخ.
وأشارت تاراسوفا رئيسة برنامج مراقبة الغلاف الجوي العالمي في المنظمة إلى أن: “الوباء أظهر أن هناك أملا، ما يعني أننا إذا كنا بحاجة للتحرك واتخاذ بعض التدابير فنحن قادرون على اتخاذ إجراءات ضخمة”.
وتضيف تاراسوفا أن “مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، إضافة إلى الغازات الدفيئة الرئيسية الأخرى مثل الميثان وأكسيد النيتروز ترتفع جميعها. لم نلحظ أي انخفاض في التركيزات. إذا نظرت إلى الرسم فهي ترتفع وترتفع، وفي 2019 و2020 لم يتغير أي شيء واستمرت بالارتفاع”.
يتسبب ثاني أكسيد الكربون في تأثير الاحتباس الحراري، وهو ما يسمى بالطريقة التي يحتفظ بها الغلاف الجوي المحيط بالأرض بالحرارة تمامًا كما يحتفظ الزجاج بالحرارة في هذه الحديقة الشتوية الاستوائية.
وتابعت تاراسوفا، أن “هناك احتباس حراري ناتج عن عوامل طبيعية، لم يكن موجودًا قبل أن نبدأ كبشر بالقيام باي نشاط. وهناك ما يسببه الإنسان، والذي يرتبط بانبعاثاتنا. لذا عندما نبعث المزيد من ثاني أكسيد الكربون أو الميثان أو أكسيد النيتروز في الجو، جميع هذه الجزيئات التي نضيفها، تعمل كآلات تدفئة صغيرة” وتشير إلى أننا في طريقنا لتسجيل أكثر من درجة ونصف من الاحتباس الحراري في العقود القادمة.
ويجب ألا ننسى ان النظام المناخي يتفاعل ببطء شديد، كما يوضح ماكس ديلاي مدير قسم خدمات المناخ في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية قائلا: “يحتاج النظام المناخي إلى عقود حتى يتمكن من اللحاق بما هو موجود في الغلاف الجوي اليوم. هو في الحقيقة نتاج لتركيزات غازات الاحتباس الحراري التي كانت لدينا في الغلاف الجوي قبل 30 عامًا. وبالتالي، نحن نحتاج الى 30 سنة جديدة قبل أن ينجح النظام المناخي من تحقيق التوازن بناءً على تركيزات الغازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي اليوم”.
ووصلت مستويات ثاني أكسيد الكربون بسبب النشاط البشري الآن إلى أكثر من 410 أجزاء في المليون، بعد أن كانت 280 جزءا في المليون قبل العصر الصناعي .
إن آثار هذا الارتفاع عميقة جدا.
وتؤكد تاراسوفا أن “آخر مرة شهد فيها الغلاف الجوي هذه الكمية من ثاني أكسيد الكربون كانت قبل ثلاثة إلى خمسة ملايين سنة. وخلال هذا الوقت كانت درجة الحرارة لدينا أعلى بدرجتين إلى ثلاث درجات، ومستوى سطح البحر أعلى بعشرة إلى عشرين مترا. لكن لم يكن هناك بشر”.

Related posts

Top