الاعتداء على ضحى زين الدين ودلالته

يطرح الاعتداء الذي تعرضت له صحفية «الصباح» الزميلة ضحى زين الدين من لدن القائمين على محل قمار في الدار البيضاء، واقعا يتنامى حوالينا، وهو عدم تردد بعض ممتهني ألعاب القمار وما شابه ذلك، أو أيضا بعض أباطرة المخدرات والتهريب، في استعمال الاعتداء المباشر، وأحيانا استعمال أسلحة بيضاء أو نارية في اقتراف هذه الممارسات الهمجية والمافيوزية ضد الصحفيين والنشطاء الجمعويين، وكل من يحاول فضح إجرامهم، أو حتى الاقتراب من الحديث عنهم وعن أعمالهم المخالفة للقانون. إن مثل هذه الهمجية تجعلنا نعتقد كما لو أن الزمن لا يتحرك، أو كأن بعض الممارسات من زمن مضى تصر على معاودة الظهور اليوم، حيث أن إسكات الصحفيين وإخراس أصواتهم وكسر أقلامهم يتم إما بواسطة الإغراءات والتدجين، أو من خلال التهديد والاعتداء المباشر، وما المانع أن تصل الرعونة إلى حد القتل والتصفية، خصوصا أن عصابات الإجرام والمخدرات باتت اليوم تتنافس فيما بينها في امتلاك الأسلحة النارية.
الزميلة ضحى كانت بصدد ممارسة عملها الصحفي العادي، لكن من اعتدى عليها لم يكن يقبل أن يعرف أحد طبيعة ما يمارسه، وكان يفضل الاستمرار في القمار وسط صمت الكل، لكن عندما تواجه مع صحفية تحتم عليها طبيعة عملها أن تعمد إلى تكسير الصمت عن أمراض المجتمع، لم يجد سوى العنف لإخراسها هي، وبالتالي إبعاد ضوء الكتابة عنه وعن عصابته.
هل نكتفي اليوم بالمطالبة بتقوية حماية الصحفيين أثناء ممارسة عملهم المهني في الفضاء العام؟ هل نكتفي بالتنديد بالعنف الممارس في حق الصحفيين؟ هل نكتفي باستعراض كل مطالب المهنيين المتعلقة بالحصول على المعلومة ونشرها؟
إن المطلوب اليوم هو هذا، وأيضا أكثر منه، أي تقوية الانتباه إلى تنامي العنف والجريمة في البلاد، والى تطور أشكال وتقنيات الإجرام وتهديد السلامة الجسدية للمواطنات والمواطنين، والى انتشار الأسلحة النارية لدى عصابات وأباطرة المخدرات والتهريب.
وقبل كل شيء، المطلوب اليوم إجراء تحقيق جدي ونزيه في الاعتداء الذي استهدف زميلتنا ضحى، وتطبيق القانون في حق المعتدين ليكونوا عبرة لأمثالهم، وللتأكيد على أن الاعتداء على الصحفيين أثناء تأدية واجبهم المهني يعتبر مخالفة للقانون تستحق المتابعة القضائية، ثم بعد ذلك من الضروري تفعيل منظومة إجراءات وقوانين بإمكانها  جعل الصحفيين، والمصورين، يمارسون عملهم في حرية وبما يضمن سلامتهم وأمنهم.
ومن جهة أخرى، تجدر أيضا تقوية اليقظة الأمنية تجاه ظاهرة انتشار الأسلحة النارية واختراقها للسوق المغربي، وتنامي تداولها وسط العصابات الإجرامية، وكذلك تفعيل مخططات مكافحة الجريمة والعنف  المنتشرين وسط الكثير من مدننا.

Top