المستعجلات الطبية

يجسد المخطط الوطني للتكفل بالمستعجلات الطبية، الذي أشرف جلالة الملك أول أمس بفاس على انطلاقه، برنامجا وطنيا كبيرا يعطي دفعة قوية للخدمات الطبية الخاصة بالمستعجلات والقرب، وسيساهم، بلا شك، في تحسين ظروف العلاج والاستشفاء للمحتاجين. لقد سبق أن شدد جلالة الملك في خطاب 20 غشت 2012 على أهمية توفير الظروف الملائمة للولوج إلى السكن والصحة ومختلف خدمات القرب، كما أن دستور فاتح يوليوز 2011 نص على الحق في الصحة، ومن ثم، فان المخطط المعلن عنه اليوم يجسد التطبيق العملي الملموس لهذه القناعة السياسية المبدئية، وذلك كما سبق أن جسدها أيضا نظام (راميد)، وغير ذلك من الإجراءات والبرامج الأخرى المعلن عنها على مستوى قطاع الصحة في بلادنا.
وفضلا عن (راميد)، وأيضا تخفيض أسعار الأدوية، وباقي الإجراءات ذات الصلة، فان المخطط الوطني للتكفل بالمستعجلات الطبية يندرج، بدوره، ضمن المنظومة المتكاملة والشاملة لتطوير الخدمات الصحية والعلاجية، وذلك وفق مقاربة حقوقية واضحة تستمد مرجعيتها من المقتضى الدستوري، ومن خطب جلالة الملك، وأيضا مما يتضمنه البرنامج الحكومي من التزامات، فضلا عن المخطط القطاعي الذي يعمل على ضوئه وزير الصحة المعروف عنه تخصصه العلمي والمهني في قضايا المستعجلات ومعرفته بتفاصيلها.
وعند الاطلاع على مضامين المخطط الوطني للتكفل بالمستعجلات الطبية، وبالإضافة إلى الاعتماد المالي المخصص لانجازه، تبرز المقاربة التشاركية الشمولية بشكل واضح، وذلك من خلال انخراط قطاعات مختلفة، في حرص وطني جماعي على إنجاح هذه الخطوة الاجتماعية الهامة لفائدة شعبنا وفئاته المستضعفة بالخصوص، والتي تروم تنظيم وإعادة هيكلة مختلف مسالك المستعجلات الطبية بشكل عميق وشامل…
إننا عندما نعرف أن 83 في المائة من الوفيات الناجمة عن حوادث السير تحصل قبل  الوصول إلى المؤسسات الاستشفائية، في الوقت الذي يمكن تجنب نسبة كبيرة منها، وعندما نعرف كذلك عدد الوفيات التي تحدث للنساء خلال الوضع فقط بسبب تواجدهن في مناطق نائية، أو لأن دواويرهن محاصرة بالأمطار والثلوج، فإننا ندرك أهمية التطلع اليوم إلى تطوير المستعجلات الطبية، وتحسين التكفل بالحالات الاستشفائية وما قبل الاستشفائية، وإحداث مراكز لضبط وتنظيم التدخلات الطبية الاستعجالية، وأيضا الشروع التدريجي في تشغيل الرقم الوطني الموحد والمجاني المخصص للمكالمات الطبية الاستعجالية (الرقم 141)…
وحيث أن الإنقاذ والخدمات الاستعجالية لن يكون لهما معنى من دون تحديث وتوحيد معايير النقل الصحي، فقد كان مهما تنصيص المخطط الوطني على اقتناء عشرات سيارات الإسعاف بما فيها رباعية الدفع للعمل بالوسط القروي، بالإضافة إلى تشغيل أربع مروحيات للنقل الطبي الاستعجالي…
والغاية من كل هذا هي أولا وقبل كل شيء إنقاذ حياة الأشخاص الذين يوجدون في وضعية استعجالية في انتظار إخضاعهم  لعمليات التشخيص المعمقة.
إن المخطط الوطني للتكفل بالمستعجلات الطبية يعتبر مبادرة وطنية كبيرة سيكون لها وقع اجتماعي مهم، ولهذا فهو يستحق الدعم من لدن الجميع، والانخراط القوي من أجل إنجاح مختلف مراحله.

[email protected]

Top