بنما تدعم مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها “أساسا وحيدا” لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية

أكدت بنما، أول أمس الثلاثاء، دعمها لمبادرة الحكم الذاتي، التي تقدم بها المغرب سنة 2007، باعتبارها “أساسا وحيدا لحل عادل ودائم” للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، معربة عن التزامها بـ “تحديد عملها المستقبلي واتخاذ موقف على أساس هذا الإعلان”.
وتم التعبير عن هذا الموقف الوطني لبنما في إعلان مشترك موقع عقب اللقاء الثنائي، المنعقد عبر تقنية التناظر المرئي، بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، ونظيرته البنمية جانينا تيواني مينكومو.
وجاء في هذا الإعلان المشترك أن بنما “تعتبر أن الأمم المتحدة تظل الآلية الملائمة” لجمع “كافة الأطراف المعنية” بحثا عن الحل السياسي الذي ينشده مجلس الأمن.
كما جددت، في هذا الإطار، التأكيد على أهمية الدفع بالمسلسل السياسي على الصعيد الدولي، مع الأخذ بعين الاعتبار، بشكل “جدي وملتزم”، قرارات مجلس الأمن، من أجل تحديد نقاط التوافق.
وجددت بنما والمغرب التأكيد على إرادتهما لتعزيز علاقاتهما الثنائية الممتازة، التي شهدت “تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة”.
وأوضح البلدان أن روابط التعاون التي تجمعهما تقوم على مبادئ التعايش السلمي والديمقراطية والحكامة الجيدة والتضامن والشفافية والاحترام المتبادل واحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وكذا على عدم اللجوء إلى العقوبات أحادية الجانب.
وبعدما شددا على النتائج الإيجابية المحققة على مستوى تطوير علاقاتهما على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف، اتفقت بنما والمغرب على مواصلة النهوض بهذه العلاقات في أفق بلورة خارطة طريق تعكس عزم البلدين على العمل بشكل مشترك على الساحة الدولية خدمة لمصالحهما المشتركة.
وفي هذا الصدد، أبرز البلدان أهمية التعاون متعدد الأطراف في تكثيف الجهود في مجالات ذات الاهتمام المشترك من قبيل التجارة والحد من الفقر والجوع والتربية والصحة والتنمية المستدامة، بما في ذلك الولوج إلى الطاقة والماء والغذاء والأسمدة، فضلا عن الحد من آثار التغير المناخي والتكيف معها.
وأكد البلدان، في هذا الإطار، على ضرورة تحقق أهداف التنمية المستدامة بشكل شامل ومندمج، لا سيما عبر القضاء على الفقر ومكافحة آثار التغيرات المناخية، إلى جانب العمل على النهوض بالاستغلال المستدام للأراضي وتدبير المياه، فضلا عن الحفاظ على التنوع البيولوجي.
من جهة أخرى، جددت الرباط وبنما التأكيد على أهمية المبادلات بين الشعبين في تعزيز التفاهم والصداقة والتعاون في مجالات التواصل والثقافة والتربية والتعليم والرياضة والفنون والشباب والمجتمع المدني والاقتصاد.
وبهذا المناسبة، نوه المغرب بدور بنما كمركز لوجستي جوي وبحري وبري بالنسبة لأمريكا اللاتينية والكاراييب، مبرزا أن موقعها الجغرافي الإستراتيجي يمكن أن يشكل نقطة لولوج الصناعة المغربية إلى المنطقة.
وفي مجال الهجرة، أكد البلدان على أهمية الجهود المبذولة، لا سيما في إطار ميثاق مراكش ومسلسل الرباط، وكذا إعلان لوس أنجلوس.
وجددا التأكيد، في هذا الصدد، على التزامهما المشترك لفائدة حركية دينامية تمكن من تنقل آمن وانسيابي ومنظم للأفراد.
وبخصوص الحفاظ على البيئة، شدد الجانبان على أهمية التعاون في مشاريع لإزالة الكاربون من الاقتصاد، ما يوفر إمكانات كبيرة للمستثمرين.
وبعدما اتفقا على ضرورة مواصلة تبادلاتهما والعمل على تعزيز علاقاتهما، أكد المغرب وبنما على أن النظام الدولي يرتكز، بالأساس، على احترام الوحدة الترابية وسيادة واستقلالية الدول وعلى تفعيل تام للالتزامات المنبثقة عن المعاهدات والمصادر الأخرى للقانون الدولي.
ويعد موقف بنما بشأن قضية الصحراء المغربية موقفا واضحا، ويندرج في إطار الدينامية الدولية التي أطلقتها مبادرة الحكم الذاتي المقدمة من قبل المملكة.
ويشكل تحيين هذا البلد الواقع بأمريكا الوسطى لموقفه الوطني المتعلق بالنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية تطورا جوهريا. ذلك أن هذا الموقف بات يندرج في إطار الدينامية الدولية التي أطلقتها مبادرة الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، والتي يعتبرها هذا البلد، شأنه شأن العديد من الدول الأخرى، “الحل الوحيد” لهذا النزاع المفتعل.
وهكذا، فقد جاء الإعلان المشترك ليؤكد قناعة بنما بأن حل هذا النزاع لا يمكن أن يكون إلا واقعيا، كما أكدته قرارات مجلس الأمن الدولي مرارا وتكرارا.
وانطلاقا من هذه القناعة، تؤكد بنما أنها، وبالإضافة إلى اختيارها لحل واقعي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية-كما أكدت ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي مرارا وتكرارا، فإنها تدعو إلى حل متوافق بشأنه عندما تتحدث عن “جمع كافة الأطراف المعنية من أجل التوصل إلى حل نهائي”.
وبذلك، فإن بنما تصطف إلى جانب الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي التي تؤكد على مركزية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي على الخصوص، في السعي للتوصل إلى حل سياسي نهائي.
وبهذا الإعلان، تنضم جمهورية بنما إلى غالبية دول المجتمع الدولي (أكثر من مائة دولة)، التي تعتبر مبادرة الحكم الذاتي بمثابة الحل الوحيد للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، وتدعم الجهود الجدية وذات مصداقية التي يقوم بها المغرب، لتبتعد بذلك عن الحلول المتطرفة وغير الواقعية التي تطيل أمد هذا النزاع وتعرقل التكامل الإقليمي بشمال إفريقيا.
وبالإضافة إلى هذا الموقف الذي لا يشوبه أي غموض، فإن بنما تلتزم، كتابيا، بالعمل على أساس هذا الإعلان المشترك، لتتبنى من الآن فصاعدا نظرة تقوم على مساعدة الأطراف المعنية على التوصل إلى حل دائم ونهائي.
وفي المحصلة، فإن بنما تدافع اليوم، وبشكل لا لبس فيه، عن حل وسط واقعي، ممهدة الطريق أمام الأطراف والأمم المتحدة لتنفيذ هذا الحل الذي يتيح السلام والاستقرار والازدهار لمنطقة المغرب العربي والساحل.

Top