حزب التقدم والاشتراكية يوجه رسالة إلى جو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية

وجه حزب التقدم والاشتراكية رسالة إلى جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، يطالبه فيها بالتخلي على نهج واشنطن الداعم للعدوان الإسرائيلي الغاشم على فلسطين، وإلى توظيف موقع الولايات المتحدة الأمريكية ومكانتها على الساحة الدولية من أجل اتخاذ ، المبادرات الكفيلة بوقف نهائي وفوري لإطلاق النار، والسعيِ، إلى جانب الدول المؤثرة الأخرى، وفي إطار هيئة الأمم المتحدة، نحو إجراء مفاوضات جدية وشاملة يكون طرفاها الأساسيان السلطة الوطنية الفلسطينية المجسدة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وإسرائيل، بأفق الاعتماد النهائي لحل الدولتين على قاعدة كافة الحقوق الفلسطينية المشروعة.
فيما يلي النص الكامل للرسالة:

السيد جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية؛
نتوجه إليكم، في حزب التقدم والاشتراكية المغربي، بهذه الرسالة، على أساسِ ما يمثله البلد الذي ترأسونه منثقل وقوة على الصعيد العالمي، وما تستلزمه هذه القوة من مسؤولية سياسية وأخلاقية ومؤسساتية.
لكنكم، السيد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، تُصِرون على إلى دعم إسرائيل في عدوانها المتواصل على فلسطين، مسَخرين في سبيل ذلك كافة الوسائل بشتىَّ أصنافها، بما فيها استخدامكم مؤخراً، ومن جديد، آلية الفيتو ضد مشروع قرارٍ في مجلس الأمن يُطالب بوقف إطلاق النار في غزة، وبالامتثال للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وحماية المدنيين، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
إن هذا الدعم اللامشروط واللامحدود نعتبره، على غرار معظم الرأي العام العالمي، عـنصر تشجيعٍ حاسمٍ لإسرائيل في حرب الإبادة التي ترتكبها في حق الشعب الفلسطيني، في جميع الأراضي الفلسطينية، وبغزة تحديداً. كما أن هذا الدعم لا يتنافى فقط مع الإرادة الحرة للشعوب والقوى المحبَّة للسلام في مختلف البلدان والقارات، بل إنه يتنافى حتى مع القيَّم والمبادئ التي تأسس عليها بلدكُم.

السيد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية؛
إنَ تاريخ النزاع في الشرق الأوسط لا يَعود، كما يريدُ البعضُ ترويجه، إلى السابع من أكتوبر 2023. والعدوان على غزة ليس حرباً على الإرهاب المقيت، كما تَدَّعي إسرائيل. بل إنَّه اعتداءٌ على شعبٍ واحتلال لأرض منذ 75 سنة. هذه هي الحقيقة الراسخة التي لا يمكنُ لأحدٍ مَحوَهَا مهما بلغت قوة آلته الإعلامية، كما لا يُمكن أبداً النجاحُ في تطهيرِ الشعب الفلسطيني أو محوه من الوجود مهما بلغت شراسة التقتيل ضده.
وعليه، فإن ادعاء إسرائيل بأنها تمارس حق الدفاع عن النفس هو ادعاء زائِف لا يَصمد أمام الوقائع المفجعة التي يشاهدها العالَم يوميا، حيث معظم الضحايا هم مدنيون. مما يجعلنا، في الحقيقة، أمام تطهيرٍ عرقي وجرائم حرب وتشريد وتهجير شعب ليس له من وسيلة أخرى للصمود سوى الصبر ومواجهة الوضع بما يملكه من إمكانياتٍ جدًّا متواضعة.
فها هي إسرائيلُ، اليوم، بدعمٍ غيرِ مقبولٍ منكم، تُمعنُ في عدوانها العسكري الــــمُدَمِّر على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر، دون اعتبارٍ لأيِّ وازع، ودون اكتراثٍ بأيِّ صوت، بما خلّفَ، إلى حد اليوم حسب مصادر أممية، ما يقارب 18 ألف شهيدًا و47 ألف جريحًا، مُعظمهم أطفال ونساء، وكارثةً إنسانية غير مسبوقة، وساكنةً مُعَرَّضة للتجويع، ودمارًا هائلاً في البنية التحتية، بما فيها المدارسُ والمستشفياتُ وأماكن العبادة.
والأدهى من ذلك هو أن إسرائيل، بممارساتها العدوانية القصوى، تـهدد السلام الإقليمي والعالمي، على المديين القصير والبعيد، من دون شك. كما أنها بصدد بناءِ حواجز نفسية تاريخية كُبرى، لدى أجيال الحاضر والمستقبل، من شأنها جعلُ التعايشِ المطلوب والسلامِ المنشود أمريْنِ غايةً في الصعوبة.

السيد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية؛
إن ما وصلت إليه الأوضاع بفلسطين صار يهدد بانهيار المنطقة وانحدارها نحو المجهول، وبات يسائِل في العمق الضمير الإنساني والمنتظم الدولي. وإنها أوضاع تتحمل فيها حكومة إسرائيل المسؤولية الكاملة، بالنظر إلى تعنتها المتطرف، واستفزازاتها المتكررة، وسياستها الاستيطانية، وإنكارها التام لحقوق الشعب الفلسطيني، بل لوجوده أصلاً.
على هذه الأسس، نُطالبكم، السيد الرئيس، بالتخلي على نهجكم الحالي الداعم للعدوان الإسرائيلي الغاشم على فلسطين. وبالمقابل، ندعوكم إلى توظيفِ موقعكم ومكانة بلدكم على الساحة الدولية، من أجل اتخاذ، على وجه الاستعجال، المبادرات الكفيلة بوقفٍ نهائيٍّ وفوري لإطلاق النار وتهدئة الأوضاع، والسعيِ، إلى جانب الدول المؤثرة الأخرى، وفي إطار هيئة الأمم المتحدة، نحو إجراء مفاوضاتٍ جدية وشاملة يكون طرفاها الأساسيان السلطةُ الوطنية الفلسطينية المجسدة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وإسرائيل، بأفق الاعتماد النهائي لحل الدولتين على قاعدة كافة الحقوق الفلسطينية المشروعة.
فالطريق الأوحد والأنجع لإحلال السلام العادل والدائم والشامل، لكي تنعم كافة شعوبِ المنطقة بالأمن والطمأنينة والنماء والازدهار، هو تمكين الشعب الفلسطيني من جميع حقوقه الوطنية، وفي مقدمتها حقه في بناء دولته المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس.

عن المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
الأمين العام: محمد نبيل بنعبد الله

Top