فيضانات غير مسبوقة تخلف مقتل شخصين وفقدان 14 آخرين وخسائر مادية جسيمة

خلفت السيول والفيضانات، التي شهدتها مدينة طاطا والأقاليم المجاورة لها، خسائر بشرية ومادية بليغة، معرية واقع البنية الطرقية بالمغرب العميق.
ولقي شخصان مصرعهما، ومازال أربعة عشر آخرين في عداد المفقودين، على مستوى إقليم طاطا.
وأفادت السلطات المحلية بإقليم طاطا أنه، وعلى إثر التساقطات الرعدية جد القوية التي شهدها الإقليم، والتي أدت إلى إحداث تدفقات فيضانية استثنائية، تم يوم الجمعة المنصرم، تسجيل حادثة انجراف حافلة للركاب بفعل السيول على مستوى واد طاطا، خلفت، في حصيلة مؤقتة، مصرع شخصين، فيما تم إنقاذ 13 آخرين وتسجيل 14 من الركاب في عداد المفقودين لحد الساعة.
وتابع المصدر نفسه، أنه تم، جراء السيول الفيضانية، تسجيل حالة واحدة لسيدة في عداد المفقودين بدوار ايغورتن جماعة تكزميرت قيادة اديس.
وحسب ماعاينت بيان اليوم في جولتها الميدانية، فقد خلفت هاته التساقطات الرعدية الاستثنائية ارتفاعا لمنسوب العديد من المجاري المائية بنسب غير مسبوقة، مخلفة أضرارا متعددة، تجسدت أساسا في انهيار كلي أو جزئي لبعض المنازل، وانهيار كلي أو جزئي لعدة منشآت فنيةـ بالإضافة إلى تدمير بنية تحتية مهترئة أصلا.


وتسببت الفيضانات أيضا في تضرر عدة مقاطع طرقية، وانقطاع حركة المرور بعدة محاور، في وقت عملت فيه السلطات العمومية وكافة القطاعات المعنية ومختلف المتدخلين، على التعبئة الشاملة لجميع الوسائل اللوجستيكية والموارد البشرية، من أجل التدخل الفوري لمواجهة هاته الوضعية الاستثنائية، وتقديم الدعم والمساعدة للمواطنين.
وعاين فريق بيان اليوم، مساء الجمعة والسبت، انقطاعات متكررة على مستوى الطريق الوطنية رقم 12، بالمقطع الرابط بين إملشيل وتنغير مرورا بمضايق تودغى، بسبب غمر السيول للطرقات، وتساقط الأحجار على الطريق.
ويشتكي معظم مستعملي هذا المقطع الطرقي، الذين التقتهم بيان اليوم، من وضعية الطرق المتهالكة بشكل كبير، وأيضا غياب البنية التحتية الملائمة لجغرافية المنطقة وظروفها المناخية الصعبة، إذ أن أغلب الوديان تمر مباشرة من فوق الطريق، في ظل غياب القناطر.
ولم يمنع غمر السيول لمقاطع الطرقية، عدد من السائقين “المتهورين” من العبور، متحدين بذلك تعليمات السلطات، غير مبالين بالخطر.
وقد عاينت بيان اليوم العديد من سائقي السيارات الذين حاولوا مجابهة قوة الفيضانات وعبور الطريق، إلى حد كادت تنجرف سيارات بعضهم بسبب قوة انجراف السيول.
وفي تفاعل آني مع مآسي ومعاناة المواطنات والمواطنين في طاطا، دعا محمد بنعبدالله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إلى القيام بتدخلات مستعجلة من أجل إنقاذ الضحايا وتقديم المساعدة للمتضررين من السيول الجارية التي تعرفها عدد من المدن والأقاليم بالجنوب الشرقي للمملكة منذ يوم أمس الجمعة 20 شتنبر 2024.
وقال نبيل بنعبدالله في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع فايسبوك، “إن الوضعية كارثية في هذه الأثناء بإقليم ومدينة طاطا”، مضيفا أن “أخبارا محلية تتحدث عن أشخاص مفقودين، وطرق مقطوعة، ومنازل مهددة، وساكنة مفزوعة، وخسائر فادحة، بعد تساقطات مطرية وفياضانات غير مسبوقة”.


وشدد بنعبدالله على أن “الحاجة مستعجلة إلى تدخلات أوسع وإمكانيات أكبر، لمساعدة الساكنة في هذه المحنة الصعبة”، موجها، في تدوينته، تحية لكل السلطات المدنية والعسكرية والهيئات المنتخبة على مجهوداتها الكبيرة.
من جانبه، سجل رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، أن طاطا لا تحتمل تأخر تدخل الحكومة، موجها نداءه الأخيرة من أجل التعبئة العاجلة والقوية، “من أجل التدخل ومساعدة ساكنة إقليم طاطا الذي يعيش الآن تحت وقع فيضانات مهولة، بفعل سيول وأمطار جارفة وغير مسبوقة، تسببت في وضعية كارثية حسب المعلومات الواردة علينا”.
وأضاف رشيد حموني في تدوينة نشرها على حسابه في منصة فيسبوك “في هذه اللحظات: أشخاص مفقودون، وساكنة مفزوعة، وبنايات متضررة، وبيوت مهدمة، وطرق مقطوعة، وحافلة بركابها مجهولة المصير، ودواوير منكوبة، وجماعات تستتغيث”.
ووجه حموني رسالة شكر للقوات المسلحة الملكية والسلطات المحلية والأمنية والوقاية المدنية وللهيئات المنتخبة، على ما تقوم به الآن من مجهودات، وعلى استنفارها الأقصى، معتبرا أنه على الحكومة، بقطاعاتها الوزارية المختلفة، أن تستنفر كل إمكانياتها، في هذه اللحظات العصيبة، إنقاذا للأرواح وللممتلكات.
هذا، وأهابت وزارة الداخلية بالمواطنين، بكافة أقاليم المملكة المعنية بالاضطرابات الجوية، موضوع النشرات الإنذارية الصادرة عن المديرية العامة للأرصاد الجوية، توخي الحيطة والحذر سيما بمحاذاة المجاري المائية والشعاب، وعدم المغامرة بالمرور بالمقاطع القابلة للغمر أثناء ارتفاع منسوب الأودية، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتفادي كل خطر سواء على النفس أو على الغير، وتجنب المجازفة بتصرفات غير محسوبة العواقب، والتجاوب الإيجابي مع توجيهات وتعليمات السلطات العمومية وفرق التدخل، قصد ضمان سلامتهم.


وجاء في بلاغ، لوزارة الداخلية، أنه تحسبا للتساقطات الرعدية القوية التي تشهدها العديد من أقاليم المملكة، اتخذت السلطات المحلية، بتنسيق مع مختلف القطاعات والمصالح والسلطات المعنية، كافة التدابير الضرورية لمواجهة الأضرار المحتملة التي قد يتسبب فيها الاضطرابات الجوية، والقيام بالواجب في تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة اللازمين، مع تسخير جميع الموارد والوسائل من أجل ضمان سلامة المواطنين والممتلكات.
وقد عاينت بيان اليوم، تواجد مكثف لرجال السلطة وعناصر الدرك الملكي، على مستوى المقطع الطرقي المشار إليه أعلاه، لأجل السهر على انسيابية المرور، وضمان سلامة المواطنين، إلا أن بعض السائقين يتحدون التعليمات ويدخلون في مغامرات غير محسوبة العواقب.
من جهتها، كشفت وزارة التجهيز والماء، أن بلادنا عرفت خلال الفترة الممتدة بين 19 و21 شتنبر 2024 أمطارا عاصفية جد قوية وزخات رعدية أسفرت عن انقطاع لحركة السير ب44 مقطع طرقي بسبب الفيضانات، وذلك بفعل ارتفاع منسوب المياه بعدد من الأودية والشعاب مما تسبب في إلحاق أضرار ببعض المحاور الطرقية.
وأضافت الوزارة، في بلاغ لها، أن الأمر يتعلق بأقاليم طاطا وزاكورة وورزازات وأسا زاك وبولمان وتارودانت وتنغير والسمارة وجرادة وفكيك.
وجاء في البلاغ ذاته، أنه ومنذ بداية التساقطات المطرية التي عرفتها المملكة، قامت وزارة التجهيز و الماء على الفور بتعبئة مواردها البشرية وكذا وسائلها المادية واللوجيستيكية والمتمثلة في 210 مورد بشري (مهندسين وتقنيين وسائقي الآليات والعمال)، بالإضافة إلى 107 آلية (آليات التسوية وآليات الشحن والحفر وجرافات وشاحنات).
وبدورها، أهابت وزارة التجهيز والماء بجميع المواطنين ومستعملي الطرق إلى توخي الحيطة والحذر في المناطق التي تشهد تساقطات مطرية غزيرة.

< مبعوثا بيان اليوم إلى درعة تافيلالت
< عبد الصمد ادنيدن
< المصور: طه ياسين شامي

Top