مستقبل الملاكمة

تعقد الجامعة الملكية المغربية للملاكمة يوم السبت القادم جمعها العام، وحسب بيان لها في الموضوع، فلم يذكر ما إذا كان هذا الجمع العام غير عادي، إلا أنه من الناحية القانونية يبقى استثنائيا نظرا لتجاوز الآجال القانونية لانعقاده.

فجامعة الملاكمة لم تعقد جمعها العام منذ سنوات، أي إنها تعيش حاليا خارج المشروعية التي يحددها القانون، وهو واقع غير مبرر نهائيا، وليس هناك ما يدعو إلى الاستمرار لمدة تزيد عن 5 سنوات بدون عقد جمع عام، وعدم تقديم حصيلة الجامعة أمام أنظار الجمع العام، ومناقشة واقع ومستقبل الملاكمة بإشراك القاعدة أي الأندية التي تعيش وضعية غير مشجعة تماما. 

وتعد جامعة الفن النبيل من بين الجامعات الأولمبية المهمة على الصعيد الوطني، وهي إلى جانب جامعة ألعاب القوى من الجامعات القليلة التي توجت أولمبيا بفضل ملاكمين استطاعوا الصعود لمنصة التتويج، كان آخرهم محمد ربيعي الفائز بميدالية نحاسية خلال دورة ري ودي جانيرو 2016. 

  يترأس الجامعة عبد الجواد بلحاج الذي ارتبط بهذه الجامعة منذ سنوات، وتحمل مسؤولية عصبة الرباط قبل أن يصبح رئيسا للجامعة منذ 10 سنوات، وهو من بين رؤساء الجامعات الذين يتمتعون بنفوذ نظرا لوظيفة الرئيس الرسمية. 

هذا العامل كان من الممكن أن يعود بالفائدة على تركيبة الجامعة وواقع الفرق، إلا أنه لحد الآن ليس هناك أي تطور يذكر، ولم يلمس أي تغيير مهم على واقع هذه اللعبة، وبالتالي فإن أسرة الملاكمة مدعوة اليوم إلى استخلاص الدروس والعبر ومناقشة الحصيلة بكل صراحة وتجرد وتفكير في مصلحة الملاكمة والملاكمين، بعيدا عن كل التأثيرات كيفما كان مصدرها أو هدفها.

فالواقع الحالي للملاكمة، لا يمكن أن تخفيه بعض الإنجازات القليلة، ولعل أبرزها مرتبط بفوز ربيعي بذهبية بطولة العالم بالدوحة وميدالية برونزية بأولمبياد ريو، ونحن نعرف جميعا الظروف التي جاء فيها الإنجازان، وغير ذلك لا يوجد شيء يذكر وليس هناك ما يبعث على الارتياح، والدليل على ذلك التذمر الذي يعيشه أغلب الملاكمين الدوليين، وانقسام عائلة الملاكمة بين مؤيد ومعارض، مع أن حجم المعارضة بدأ يتزايد سنة بعد أخرى بفعل التجاهل الذي تتعامل به الجامعة، عبر السعي فقط لربح الوقت عوض الانكباب على حل المشاكل والإنصات والإشراك وتبادل وجهات النظر.

ننتظر أن يكون الجمع العام القادم فرصة لتجاوز هذا الواقع غير المشجع، وأن يتم العمل على جمع شمل العائلة الواحدة، دون إقصاء وخدمة لصراع الطوائف، واستمرار التفرقة والتعامل مع الأفراد بعقلية القطيع، واستغلال حاجة البعض من الناحية المادية، وغيرها من الممارسات التي يجب أن تنتفي إلى غير رجعة.

الكل متفق على أن انشغالات الرئيس بالمهام الرسمية لا يسمح له بتتبع كل شؤون الجامعة، ولا يتمكن من الاطلاع على كل التفاصيل، ولا يقف على كل المعطيات المرتبطة بتسيير الجامعة من الناحية الإدارية والمالية، إذ يكتفي في الغالب بالموافقة على الخطط العامة لعمل الجامعة، مع ترك مسألة التسيير  اليومي لإدارة الجامعة، وهنا بيت القصيد. 

هناك مؤشر إيجابي يتمثل في استدعاء المعارضة من خلال السماح بحضور جمعية قدماء الملاكمين السابقين، والتي تضم في صفوفها أطرا ومسيرين وملاكمين ارتبطوا بهذه الرياضة منذ سنوات خلت، فهناك من مارس ودرب وأطر ومول، وبالتالي لا يجب أن يبقى بعيدا عن تسيير هياكل الجامعة، ما دامت لدية القدرة والرغبة، والأكثر من ذلك الاستعداد للمساهمة في خدمة الرياضة التي أحبها وعاش بين أحضانها منذ سنوات خلت.

ننتظر أن تودع عائلة الملاكمة سنة 2017 وهى موحدة متضامنة ومتجانسة، وأن تستقبل السنة القادمة بكثير من الاستعداد لخدمة هذه الرياضة بطريقة جماعية، بعيدا عن كل إقصاء أو تهميش، فصدر الملاكمة رحب ولديه القدرة على احتضان الجميع شريطة توفر الإرادة الحقيقية ….

محمد الروحلي

Related posts

Top