من أجل الوضوح فقط…

تواصل عناصر محسوبة على الجبهة الانفصالية، قناعة أو هوى أو جلبا لمنفعة فردية أو لمجرد البروز والتمايز، استفزازاتها في الأقاليم الجنوبية، وسعيها لجر القوات الأمنية هناك إلى المواجهة المباشرة واستعمال العنف، خصوصا أثناء تواجد وفود إعلامية وحقوقية وبرلمانية أجنبية في المنطقة. بداية، لقد سبق أن نبهنا إلى خلفيات هذه التحركات والمناورات، ودعونا السلطات المحلية والقوات الأمنية إلى تفادي الانجرار وراء استفزازات العناصر المذكورة، ولكن في نفس الوقت لابد من التأكيد هنا على أن الهدف الحقيقي من وراء كامل هذه المناورة الانفصالية هو الابتعاد عن المشكل الحقيقي، والذي يتعلق بإيجاد حل سياسي نهائي للنزاع المفتعل في الصحراء.
لا يجب السماح لمثل هذه المناورات المكشوفة أن تربك الديبلوماسية المغربية في ضغطها و»هجوميتها» من أجل دفع المجتمع الدولي إلى البحث عن حل سياسي مقبول من الطرفين  للنزاع، كما لا يجب التراجع عن كل البرامج والمخططات ذات العلاقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية، وأيضا عن تعزيز الحرية والديمقراطية والمشاركة المحلية في الشأن العام.
وإذا كانت العناصر الانفصالية تحرص على تكريس الالتباس، وتسعى إلى إبعاد النظر الدولي عن جوهر المشكل، فليس من حقنا نحن مسايرة هذا التحريف للحقائق والخلفيات والأسباب.
إن الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد، وعن مغربية الصحراء، لا يجب أن يكون سريا، وإنما هو اقتناع وطني يستحق الجهر به.
وإن العناصر التي تحرك المظاهرات في العيون لا تخفي، على كل حال، ارتباطها بـ «البوليساريو»، وهي تحمل أعلامها وشعاراتها. وهذه الجبهة، كما يعرف الكل، لا تخفي، من جهتها، مسعاها الرامي إلى إنشاء دولة مستقلة، أي الانفصال، ومن ثم، فوصف العناصر المذكورة بالانفصالية، ليس سوى تحصيل حاصل، وليس فيه أي تحريف لهويتها المعلنة.
وفي السياق نفسه، فإن انتقاد العناصر الانفصالية وفضح ارتزاقها وتبعيتها للنظام الجزائري لا يعني ترديد كلام «النظام»، وإنما هو تعبير عن قناعة سياسية ومبدئية يجمع عليها الشعب المغربي في أغلبيته الساحقة، ومنذ عقود.
أن تكون تقدميا ومدافعا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ليس معناه أن تدافع عن الانفصال والانفصاليين، ولنا في سير كبار التقدميين المغاربة، ورواد النضال الديمقراطي والحقوقي الكثير من الأدلة على أنهم كانوا أيضا من كبار الوطنيين المغاربة، ومن أشرس المدافعين عن وحدة البلاد واستقرارها، وما ساوموا على ذلك أبدا.
واليوم، عندما تخرج علينا كتابات من هنا وأخرى من هناك تتسلق في أعمدة البلاغة بلا وضوح، وتلتحف التجريد بلا موقف، تعمنا الخشية من اللبس، وهنا تبرز حاجة البلاد إلى تقوية جبهتها الداخلية، وتعزيز التواصل والحوار بين مختلف مكوناتها الوطنية، حتى لا تعمى بعض الأبصار وبعض العقول أيضا.
[email protected]

Top