وماذا بعد؟

القرار الذي اتخذه المجلس الوطني لحزب الاستقلال حول الانسحاب من الحكومة مع الدفع بمقتضيات الفصل 42 من الدستور، يبقى قرارا سياديا للاستقلاليين، وهم المسؤولون عنه في  مبناه ومعناه، وأيضا في تبعاته، ويمكن العودة إلى مناقشته عندما تستقر الصورة، وتكتمل الوقائع والامتدادات، لكن الأساس الآن هو استحضار مصلحة البلاد في كل سجال سياسي أو صحفي قد يفرزه القرار المذكور.
لقد سبق أن نبهنا إلى أن التميز الذي أسس له المغرب في مسلسله الإصلاحي مقارنة مع بلدان الجوار، لم يجد قوى سياسية تجسد نفس درجة التميز، من أجل دفع الدينامية السياسية والمؤسساتية إلى إفراز منجز تنموي على الأرض، وإلى قيادة البلاد نحو وضع ديمقراطي وتنموي مختلف، وأكثر متانة.
وتمنينا أيضا في مناسبة سابقة أن تدرك طبقتنا السياسية حجم ما يحيط بالبلاد من مخاطر وتحديات، وما ينتظره منها شعبنا من مطالب، لكن في كثير جوانب من ممارستنا السياسية والحزبية في الفترة الأخيرة لم نكن نتلقى إلا… الخيبات.
إن الظرفية الدقيقة التي تمر بها قضية وحدتنا الترابية، وما يحيط بها من مخاطر هي واقع وليست مجرد تخيلات، أو تعابير لإحكام التحليل…
وإن الوضع الاقتصادي والاجتماعي يعيش أزمات ومصاعب حقيقية، وأحيانا بنيوية، ومعالجتها تقتضي وضوح الرؤى السياسية، وشجاعة القرارات التدبيرية، وجرأة التواصل مع الناس، وقبل ذلك درجة عالية من الانسجام والمسؤولية…
وكما قلنا ذلك من قبل، فحتى اليوم، وبعد الإعلان عن القرار الاستقلالي الأخير، فإن التحديات هي نفسها، والمطلوب،على ضوء ذلك، التفكير في مصلحة ومستقبل البلاد وشعبها قبل أي شيء آخر.
البلاد ليست لها القدرة على تأجيل النظر في تحدياتها الإستراتيجية والتنموية، والتفرغ إلى مزاجيات طبقتها السياسية، أو إلى إحداث واجهة جديدة للمشاكل ولعوامل الفرملة.
من جهة أخرى، ليس في مصلحة المستقبل السياسي والديمقراطي لبلادنا كل هذا الإمعان في النزول بالسياسة إلى الحضيض، وكل هذا الإصرار على… اللامعنى.
أبدا ليس بهذه الصورة يمكن إقناع الشباب والنخب للانخراط في السياسة، وفي الشأن العام للبلاد…
مرة أخرى، قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال هو قرار سيادي يهم الحزب الذي اتخذه، والحكومات أصلا تأتي وتنصرف، والأغلبيات تتشكل ثم تتغير أو تنسحب، ولكن الأساس هو إيقاع الإصلاحات في البلاد، وأيضا ما يتربص بنا وبشعبنا من مخاطر وتحديات…
هذا ما يجب التفكير فيه وفي الحلول الضرورية له سواء اليوم أو غدا.
رب احم هذا البلد الطيب وأهله…

Top