جماعة ياسين تهدد

ردت جماعة العدل والإحسان على  تورط أعضائها في جريمة  اختطاف وتعذيب بفاس، بمزيد من التصعيد والهروب إلى الأمام، كعادة كل التنظيمات المتطرفة والانقلابية. اختار أتباع عبد السلام ياسين هذه المرة الضغط على الدولة من أجل الإفراج عن المتورطين، واعتبار جريمة فاس كما لو أنها لم تحصل سوى في خيال ضحيتها.

الضغط المذكور جاء مغلفا أيضا بتهديد كان واضحا في كلمة على موقع الجماعة تحذر من «أن يعرف المغرب اضطرابات في ظل استمرار الأوضاع الحالية التي تغلب عليها -برأيها- ممارسات تسلطية»، ثم زادت قائلة إن كل حديث عن استقلالية القضاء أو سيادة القانون هو مجرد «أوهام وأحلام»، وأن المفهوم الجديد للسلطة هو مجرد «شعارات براقة»، وأن المتابعات القضائية الأخيرة ما هي سوى «تلفيق ملفات وفبركة مؤامرات»…، ثم تخلص الجماعة إلى خطاب تهديدي آخر، وإن كان هذه المرة جديدا على معجمها، حيث تقول «إن جراحنا لم تندمل ودماءنا لم تجف بعد وقبور أبناء وآباء وأمهات كثيرين من شعبنا مازالت مجهولة».
عن أي جراح يتحدث اليوم ياسين ومريدوه؟
هل انتقلت الجماعة اليوم إلى تزوير التاريخ والاستيلاء حتى على نضالات الشعب المغربي والقوى الديمقراطية والتقدمية طيلة سنوات الرصاص ونسبها إلى تنظيمها الذي لم يكن موجودا أصلا؟
هل أصيب ياسين بعمى البصيرة لينسى أن الجراح هي ما خلفته مليشياته على أجساد الطلبة اليساريين في الجامعات طيلة سنوات؟
نعم، كل الديمقراطيين ومناضلي حقوق الإنسان يرفضون ممارسة التعذيب والاختطاف ضد أي كان، لكن من غير المقبول اليوم تجاهل ما جرى في فاس وتحريف الكلام عن سياقه.
هناك أولا اختطاف حصل واحتجاز وتعذيب من طرف عناصر منتمية للعدل والإحسان ضد عضو سابق معهم، وهذا الأخير أودع ملفه لدى المحكمة، ومن أبسط قواعد الديمقراطية ودولة القانون أن يترك القضاء يحسم الأمر في استقلال عن أي ضغط.
الجماعة لم تكتف بالضغط لفائدة أتباعها، إنما تصر هذه الأيام على بعث إشارات أخرى ذات صلة مثلا بمخيماتها الشهيرة، وبتكثيف خطاب الضحية والمظلوم من لدن الدولة، وهو الخطاب الذي تسعى لترسيخه وسط الناس، لتبرير هجوماتها على الجميع وعلى المجتمع.
وفي ثنايا الخرجات الجديدة للجماعة وقيادييها، يبرز مرة أخرى المشروع المجتمعي الذي يهدد به ياسين المغاربة، وهذا هو عمق القضية  التي تختار الجماعة شهر يوليوز دائما للتذكير بها.
معركتنا نحن توجد هنا، رفض العتمة وسواد الفكر الأصولي، والانتصار لقيم الحداثة والديمقراطية والانفتاح و…العقل.

 

Top