العيد الحادي عشر

يخلد الشعب المغربي اليوم الذكرى الحادية عشرة لعيد العرش، وهي الذكرى التي تمثل السنة الأولى من العشرية الثانية لتولي جلالة الملك محمد السادس العرش. إذا كانت العشرية الأولى (1999 – 2009) قد ارتبطت في الواقع ولدى المراقبين، بالمبادرات الرامية لتجاوز مخلفات سنوات الرصاص، وتكريس الإنصاف والمصالحة، ثم بمدونة الأسرة، وأيضا بانتظامية الاستحقاقات الانتخابية، ومراجعة قوانينها، والسعي لكي تكتسب الممارسة السياسية المصداقية والتأهيل الضروريين، بالإضافة إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومشروع الجهوية، ومقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية…، فإن العام الأول من العشرية الثانية (2010) شهد، بالخصوص، بروز الجانب الاقتصادي والتنموي كعنوان مركزي للمرحلة.
إن مشاريع ومخططات كبيرة ومهيكلة أعلن عنها  في قطاعات : الصناعة، التجارة، السياحة، الفلاحة، الطاقة الشمسية والريحية، والبيئة، كما تحققت منجزات في: السكن، الشبكة الطرقية، السكك الحديدية وفي الطرق السيارة، وفي الموانئ أيضا، حيث يسير ميناء طنجة المتوسط  مثلا نحو التموقع كأهم ميناء في منطقة المتوسط…
وفي السياق ذاته، كان لافتا، هذه السنة، أن معظم جولات جلالة الملك ركزت على جهتي الشمال والشرق، بمافي ذلك الريف، وهي الزيارات التي تميزت بإطلاق برامج تنموية أساسية في مناطق الجهتين المذكورتين…
الخلاصة الأولى هنا، أن المغرب ينخرط في بناء وتكريس مشروعه المجتمعي، من خلال واجهتي السياسة والديمقراطية، وأيضا التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فإن إنجازات العشرية الأولى  يتواصل تعزيزها اليوم، كما أنها تبين اتجاهات البلاد في العشرية الثانية، ولا يمكن الفصل بين التحرك على الواجهتين.
وبالرغم من كون الأوراش التنموية الكبرى تثير هي الأخرى، رغم أهميتها، جدلا بشأن مستوى إشراك المؤسسات الديمقراطية في التفكير والفعل المرتبطين بها، فإن المسالة الاجتماعية تبقى هي المعضلة الجوهرية، وبالتالي فهي أولوية المرحلة في مغرب اليوم.
المسألة الاجتماعية ورش وطني لا يقبل التأجيل، ونفس الشيء بالنسبة لإصلاح العدالة والتعليم، بالإضافة إلى أن إعادة المصداقية والنبل للسياسة والعمل السياسي مسألة جوهرية.
المغرب اليوم لم يكتف بتجربة الإنصاف والمصالحة، إنما أصر، بمبادرة ملكية، على تعزيز تصالحه مع ذاته في الجهات وفي المناطق النائية، والتي عانت كثيرا من العزلة والتهميش، ومن هنا فإن الحد من الفوارق المجالية والاجتماعية، والتقدم في محاربة الأمية وفي تحسين جودة التعليم ، وفي التشغيل والصحة، هو عمق المعركة اليوم.
المغرب اليوم، يكذب من يقول بأنه لا يتحول ولا يتحرك، وجاحد من لا يقر بكون مكاسب هامة تحققت خلال العشرية الأخيرة، لكن مع ذلك، فإن البلاد في حاجة اليوم إلى نفس تعبوي جديد  يقوم على إصلاحات جديدة في السياسة والاقتصاد وعلى المستوى الاجتماعي.
المستقبل هنا، ومن هنا يبدأ.

Top