رشيد حموني: الحكومة السياسية والكفؤة هي التي تتفاعل استباقيا وفي التوقيت المناسب

انتقدت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب الاستمرار المتواصل لتغيب رئيس الحكومة وتأجيل حضوره بالجلسات الشهرية المخصصة للمسائلة في السياسة العامة والموجهة لرئيس الحكومة.
وقال رؤساء وأعضاء الفرق والمجموعات النيابية بالمعارضة بمجلس النواب إن هذا الانتقاد يأتي لكون مثل هذه السلوكات تمس بالقانون والدستور وتكرس لنفور المواطنات والمواطنين من الحياة السياسية.
واعتبر المتدخلون في جلسة مسائلة رئيس الحكومة أن الصورة التي يتم إعطاءها للشارع غير إيجابية، خصوصا في الأوقات التي تعرف أزمات أو احتقان غير مسبوق، كما هو الحال بالنسبة لبرمجة موضوع التعليم في جلسة الأسئلة الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة والتي جرى تأجيلها أكثر من مرة.
وأوضح النواب المعارضون أن قطاع التعليم مر من أزمة غير مسبوق، وكان الجميع ينتظر أجوبة الحكومة على الوضع، والتي عوض أن يحل رئيسها بمجلس النواب، سارعت إلى تأجيل الجلسة أكثر من مرة.
وعقب هذا الجدل الذي رافق افتتاح جلسة مسائلة رئيس الحكومة، بعد نقطة نظام المعارضة، عاد النواب لمسائلة رئيس الحكومة حول مسار إصلاح التعليم، والذي انتقدته المعارضة بحدة، واعتبرت الحكومة متأخرة فيه.
وقالت المعارضة إن الحكومة تتبجح بأسطوانات مشروخة من خلال تعليق فشلها على الحكومات السابقة، وذكرها عند كل كبوة، معتبرين ما حدث هذه السنة من إهدار للزمن المدرسي غير مسبوق وغير مقبول.
في هذا السياق، وفي تعقيب له، قال رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب إن المعارضة تتفهم الإكراهات، ولكن احترام الدستور شيء واجب، لأن جلالة الملك، رغم الظروف التي مرت بها بلادنا جراء انتشار فيروس كورونا، أعطى تعليماته من أجل إجراء الانتخابات في وقتها احتراما للدستور، وذلك في إشارة منه إلى ضرورة احترام رئيس الحكومة لجلسات المسائلة الشهرية واحترام الدستور.
وأضاف حموني أن المطلوب هو أن تكون جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية جلسة للتفاعل، وليس للاستعراض، مجددا تأكيده على ضرورة أن تعقد الجلسات في توقيتها المعين تجاوزا للصورة السلبية التي من الممكن أن تكون لدى الشارع.
وبخصوص موضوع التعليم، وبعدما عبر عن ارتياحه لرجوع الأساتذة والتلاميذ إلى الأقسام الدراسية، بعد شهور من التوقف، قال حموني إن التحدي الكبير اليوم هو دعم التلاميذ لاستدراك ما فاتهم من تحصيل دراسي.
وسجل رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب أن تدبير الحكومة للاحتقان بالساحة التعليمية، بعد الاستخفاف في البداية، كان مطبوعا بالارتباك، حيث ترك وزير التعليم في البداية يواجه الوضع معزولا، وكأن القضية تهم هذا القطاع لوحده.
ولفت حموني إلى أن الحكومة السياسية والكفؤة هي التي تتفاعل استباقيا وفي التوقيت المناسب، بناء على حسن التقدير السياسي للمطالب والاحتجاجات قبل أن تتفاقم. «وهذا ما لم نلمسه لدى الحكومة للأسف»؛ وفق تعبيره.
وتابع حموني «فلانطباع الذي تخلقه الحكومة هو أنها لا تتصرف سوى تحت الضغط، وليس وفق رؤية وإرادة إصلاحية، وليس انطلاقا من اقتناعها بعدالة الملفات المطروحة من طرف المجتمع».
وبعدما نوه بالمجهود المالي الذي اعتبره مهما، انتقد حموني الحكومة على تأخرها في التفاعل مع مطالب الشغيلة التعليمية، حيث تسائل عن المانع الذي أدى إلى تأخر الحكومة من تقديم عرض 26 دجنبر منذ بداية احتجاج الشغيلة التعليمية، طالما أن الحل كان ممكنا، وأن المطالب كانت مشروعة.
وقال حموني إن الحكومة تأخرت في الحل حيث «كنا سنتفادى بذلك الإضرابات المتتالية، وشهورا من التوتر والتخبط، الذين ضحيتهم الأولى التلميذُ وأسرته، كما كنا سنصون بذلك مصداقية النقابات»، وفق تعبيره.
ودعا حموني الحكومة إلى استخلاص الدروس مما وقع، في تعاطيها مع باقي المطالب الاجتماعية؛ والاستماع لمختلف الفاعلين وللمعارضة، مشيرا إلى أن الحكومة مطالبة بتعزيز أجواء الانفراج في الحقل التعليمي، من خلال التخلي عن توقيفات بعض الأساتذة الذين شاركوا في الإضرابات.
كما دعا حموني الحكومة إلى التخلي عن تسقيف السن للولوج إلى مهن التدريس في 30 سنة، لأن الجودة لا تقاس بالعمر، وعلى اعتبار أن الأمر فيه تراجع وتمييز غير مقبول في حق آلاف الشباب الخريجين الذين عمرهم أكثر من 30 سنة.
إلى ذلك، دعا رئيس فريق «الكتاب» بمجلس النواب إلى ضرورة الإقرار بأن معالجة ملف الموارد البشرية مسألة مهمة، لكنها جزء صغير من معركة إصلاح التعليم التي تتطلب نفسا طويلا ويتجاوز عمر الحكومة.
وشدد حموني على أن ينبغي حاليا الشروع في إصلاحٍ فعلي وعميق للمنظومة التعليمية، بما يحقق مدرسة عمومية تقوم على الجودة والتميز وتكافؤ الفرص؛ داعيا الحكومة إلى الكف عن التحجج بإرث الماضي، والانكباب على العمل على اعتبار أن أي حكومة من واجبها إيجادُ الحلول ومعالجة الأزمات تنفيذا لوعودها.

> محمد توفيق أمزيان

Top