التحول الديموغرافي في القارة الإفريقية سيعيد تشكيل العالم

أورد تقرير لصندوق النقد الدولي، أن «الطفرة السكانية التي تشهدها إفريقيا تحظى باهتمام بالغ الأهمية، وذلك في ظل تحولها الديمغرافي الذي يتوقع أن يعيد تشكيل القارة وحتى العالم».
وتوقع التقرير الذي نشرته مجلة التمويل والتنمية التابعة لصندوق النقد الدولي، أن يبلغ عدد سكان أفريقيا 2.5 مليار نسمة في سنة 2050، أكثر من نصفهم (1.3 مليار) ستكون أعمارهم أقل من 25 سنة، وهو ما يعني أن 25 في المائة من مجموع سكان العالم سيكونون أفارقة، مشيرا إلى أن عدد سكان القارة السمراء سنة 2022 بلغ 1.4 مليار نسمة، فيما لم يكن يتجاوز 140 مليون نسمة سنة 1900.
وبحسب المصدر ذاته، فإن إفريقيا التي تمثل اليوم 18 في المائة من إجمالي سكان العالم، ستنتقل فيها هذه النسبة لتصبح 40 في المائة مع نهاية القرن الحالي، مشيرا إلى أن خمسة من البلدان الثمانية المتوقع أن تساهم بأكثر من نصف النمو الديمغرافي في العالم في أفق سنة 2050 تقع في إفريقيا، حيث تشير التوقعات، أن نيجيريا ستصبح ثالث أكثر بلدان العالم اكتظاظا بالسكان.
وفي السياق ذاته، ذكر صندوق النقد الدولي، أن في نيجيريا حيث يبلغ متوسط العمر 15 سنة، شهدت ارتفاعا في عدد سكانها من 17 إلى 25.4 مليون نسمة خلال عشر سنوات، ومنذ سنة 2000 إلى اليوم قارب عدد سكان هذا البلد الإفريقي الـ 100 مليون نسمة، كما أن مصر المكتظة أصلا بالسكان، تستقبل سنويا حوالي مليون نسمة، كما أن 60 في المائة من سكان تنزانيا تقل أعمارهم عن 25 سنة، وأن عدد السكان بها تضاعف منذ سنة 2000 من 35 إلى 68 مليون نسمة، فيما أصبح يتجاور سكان إثيوبيا 50 مليون نسمة، بالإضافة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية التي ستعرف بدورها طفرة ديمغرافية في أفق سنة 2050.
ويعزى هذا الانفجار الديمغرافي في إفريقيا إلى مجموعة من التأثيرات المشتركة، في مقدمتها انخفاض معدل الوفيات وارتفاع معدل الخصوبة، بالإضافة إلى عوامل أخرى اجتماعية وثقافية، من ضمنها ضعف أنظمة التقاعد مما يشجع الآباء على تكوين أسرة كبيرة من أجل مساعدتهم عندما يصلون إلى الشيخوخة.
ويشكل النمو السكاني المضطرد في إفريقيا تحديا رئيسيا، حيث من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الفقر وانعدام الفرص الاقتصادية، خاصة أن نسبة الشباب ستمثل 60 في المائة من مجموع سكان القارة سنة 2060، مما يفرض الحاجة إلى تفكير استراتيجي مسبق من أجل توفير الاحتياجات الضرورية لهذه الفئة، كالتعليم والصحة والشغل، والسكن والتغطية الصحية.
كما أن من شأن هذا التحول المتوقع في عدد سكان القارة السمراء والمكاسب الديمغرافية التي يحتمل أن تحققها هذه البلدان، أن ينشأ عنهما آثار اقتصادية عميقة بل قد يغيران النظام العالمي، مع احتمال ظهور بعض هذه الدول كقوى عالمية جديدة، شرط أن يكون بمقدور تلك البلدان حسن استغلال «هذا العائد الديمغرافي» وذلك «بالاستثمار الجيد في قطاع التعليم والتكوين، والتشجيع على التكنولوجيا والابتكار، وهو ما يساعد على تعزيز الإنتاجية، وتوفير فرص العمل، وتعزيز النمو والرخاء الشاملين للجميع».

> محمد حجيوي

Top