مبادرة حزبية متفردة

مرة أخرى يعلن حزب التقدم والاشتراكية عن تميزه كهيئة سياسية وكقوة اقتراحية وكصانع أفكار ومبادرات بشأن القضايا الإستراتيجية الكبرى الحاضرة في النقاش العمومي وفي الانشغال الوطني.
أول أمس رعا الحزب ملتقى حول الأمازيغية بشراكة مع مكونات الحركة الثقافية الأمازيغية تحت شعار مركزي: «الأمازيغية في الوثيقة الدستورية: أي رهان وأية أجرأة؟»، وشهد حضور وانخراط العديد من الأسماء المعروفة في مجال البحث العلمي الأمازيغي وفي العمل الجمعوي المرتبط بالحقوق الثقافية واللغوية، ما حول التظاهرة إلى لحظة نقاش وتناظر طافحة بالأفكار والمقترحات.
لم يكتف الحزب باستعراض مواقفه المعلنة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وكانت حينها متفردة وشجاعة وسط الحقل السياسي المغربي، وخصوصا اليساري منه، ولم يكتف بالدفاع عن دسترة الأمازيغية كلغة رسمية، وهو الذي مافتئ يطالب بذلك، إنما هذه المرة بادر إلى دعوة الفاعلين الجمعويين ونشطاء الحركة الأمازيغية ليشكلوا مع الحزب آلية للتتبع والاجتهاد والاقتراح فيما يتعلق بأجرأة ما سيرد في النص الدستوري، والحرص على التفكير والعمل المشترك بين الفاعل السياسي والفاعل الجمعوي المدني وفق منظومة تحرك واضحة تحترم استقلالية كل طرف، وتكون آلية منفتحة على المجتمع وعلى التطلع إلى إشراك باقي الفاعلين في إطار ترافع وطني دفاعا عن المغرب المتعدد، الديمقراطي والمنفتح، وانتصارا للقيم الكونية لحقوق الإنسان ولمرتكزات المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي ينخرط الحزب ضمن صيرورة تعزيزه وتقوية أسسه.
ملتقى الرباط الذي نظمه حزب التقدم والاشتراكية عرف استجابة وتفاعلا واسعين من لدن الفعاليات الجمعوية الأمازيغية، لأنها، عبر تاريخ نضالات الحركة الثقافية الأمازيغية، شاهدت الحزب حليفا مبدئيا لها، وكان مناضلوه، في الريف وسوس والأطلس والجنوب الشرقي، وأيضا صحافته باستمرار جزء أساسيا من هذا النسيج الجمعوي والحقوقي المنتصر للحقوق اللغوية والثقافية، ومن ثم كان طبيعيا أن يتكرس أول أمس تقدير الجمعيات الأمازيغية، بمقارباتها المختلفة، لمبادرة الحزب وإعلانها الانخراط في مسار إنجاحها.
الملتقى لم يكن منصة خطابة أو منبرا للوك الكلام المعروف، إنما كان جلسة عملية توجت بالتوقيع على آليات لمواصلة العمل المشترك، ولتعزيز الترافع الجماعي  حول الأمازيغية، وهذا أسلوب جديد في تأطير العلاقات والاتفاقات والشراكات بين الفضاء الحزبي والسياسي من جهة والنسيج الجمعوي من جهة ثانية، ما يمكن أن يعتبر شكلا نموذجيا بالإمكان تعميمه على قضايا مجتمعية أخرى مستقبلا.
المبادرة المعلن عنها من لدن حزب التقدم والاشتراكية والفعاليات الجمعوية الأمازيغية تستحق التقدير، وأيضا الاحتضان من طرف باقي القوى السياسية الديمقراطية وجمعيات حقوق الإنسان والحركة النسائية بغاية تمتين التعبئة المجتمعية لمواكبة مسلسل النهوض بالأمازيغية.

[email protected]

Top