من مهام المرحلة

تفيد جل التوقعات أن الأسبوع المقبل سيعرف الكشف عن المضامين العامة لمشروع الدستور الجديد، وستلج البلاد بذلك مرحلة أخرى تقودنا بعد الاستفتاء إلى الاستحقاقات التشريعية التي ستفضي، بدورها، إلى برلمان وحكومة جديدين. وفي غمرة هذه الدينامية الساعية إلى إنجاح الإصلاحات الدستورية والسياسية، يجدر التوقف عند انتظارات إستراتيجية على صلة  بذلك.
إن الإصلاحات الدستورية انطلقت، كما هو معروف، من خطاب ملكي شهد الكل بقوته وجرأته، وتكشف الأخبار القليلة المتسربة من اللجنة الاستشارية ومن اجتماعات آلية المتابعة عن كون الاتجاه يسير نحو تلبية الكثير من المطالب المعبر عنها من لدن الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، وكل هذا يؤسس لتفاؤل بأن بناء مؤسساتيا وسياسيا مختلفا ستنخرط فيه المملكة بعد المصادقة على الدستور الجديد، لكن، وماذا بعد ذلك؟
هنا تكمن المهمة الجوهرية للطبقة السياسية، وهنا توجد الانتظارات الحقيقية لشعبنا وشبابنا.
اليوم يجب أن تقود الانتخابات إلى تشكيل مؤسسة برلمانية تضم كفاءات سياسية وطنية حقيقية تتحلى بالنزاهة والخبرة السياسية والقدرة على إنجاح رهانات المغرب الجديد، وهذا الهدف يجب أن نجد القوانين والآليات التي تسمح بتحقيقه، لأنه لن يتحقق من ذاتيته أو فقط لأننا نريد ذلك، ويجب أيضا أن نطور تمثيلية النساء في المؤسسة التشريعية ولا نتراجع إلى الوراء، وهذا أيضا يحتاج إلى اجتهاد قانوني وإلى انفتاح العقليات.
اليوم يجب أن يكون لنا برلمان ممثل لتعدديتنا السياسية، حيث أن الظرفية الوطنية والإقليمية توجب أن نسعى إلى إدراج أكثر ما يمكن من الحساسيات ضمن المؤسسات، ولا نتركها في الشارع.
اليوم كذلك  ليس من المسموح نهائيا أن نعيش انتخابات أبطالها هم الشناقة وموزعو المال والسماسرة وتجار المخدرات، ومن الضروري أيضا جعل الجهات والأقاليم والولايات تعيش ديناميتها السياسية هذه  بمسؤولين ترابيين جدد، لا يشار إليهم بأصابع التورط في خدمة الحزب المعلوم أو القيام بأدوار السخرة و»تاشناقت» لفائدة سماسرة الانتخابات.
اليوم يجب أن نجعل الانتخابات إذن لحظة فاصلة في مسار بلادنا، ونستحضر كل المعطيات المستجدة وطنيا وإقليميا، وذلك بما يشجع الشباب وكافة المواطنات والمواطنين على الثقة في المشروع الإصلاحي وفي المستقبل وفي… السياسة.
اليوم تتحمل الطبقة السياسية كلها مسؤولية تاريخية تجاه مستقبل بلادنا، ومن ثم لا بد من جعل الحديث عن الانتخابات وعن القوانين الانتخابية وعن العتبة وعن طبيعة اللوائح وغيرها، ينسجم مع السعي لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه، وليس مع الحسابات الحزبية الضيقة فقط.
من المؤكد أن الأيام المقبلة، وبالنظر إلى جدول أعمالها السياسي، ستكون حاسمة فعلا، ومن مسؤولية الجميع التعبئة لجعل المنحى الإصلاحي هو الاتجاه الذي سيواصل المغرب السير فيه، حتى ينتصر مغرب الديمقراطية والتقدم.

[email protected]

Top