الوطن لا يقبل أن يبتزه أحد

الخطوة التي يعتزم اليوم القيام بها مرشحون لم يفوزوا في انتخابات 25 نونبر من العام الماضي بأقاليمنا الجنوبية، وذلك بالسفر إلى الجزائر وتنظيم ندوة صحفية هناك للحديث عما يعتبرونه «تلاعبات عرفتها العملية الانتخابية» في الدائرة التي كانوا ترشحوا فيها، تعتبر سابقة فعلا، وتستدعي رفضا قويا لفكرتها وشكلها ومضمونها ومعناها.


إن الانتخابات المذكورة، والاستحقاقات التي سبقتها أو تلك التي ستأتي بعدها، جرت فوق التراب المغربي، ولتحقيق التنافس والتمثيلية داخل مؤسسات المغرب، وأي طعن في سيرها أو في نتائجها يتم توجيهه للمحاكم المغربية، وهو ما تم لعشرات المرات، وهذه الأيام تجري إعادة الاقتراع في كثير من الدوائر التي قبل القضاء الطعن في نتائجها، فلماذا لم يتوجه هؤلاء لهذه المساطر المعروفة؟ أليس في كل هذا الذي يقترفونه اليوم هروبا نحو الابتزاز والمزايدة و»السمسرة» على ظهر وطن بكاملة وكرامة أبنائه؟
ثم ما معنى الجزائر بالذات؟ وأساسا اليوم؟ أي بعد عام على الاقتراع المراد «الطعن» في نتائجه…
وكيف لبلد لم تحلق في سمائه بعد ريح الانتخابات الحقيقية، أو أبسط معاني التعددية والانفتاح السياسي، أن يحتضن اليوم الحديث عن انتقادات لانتخابات كانت في المغرب عنوانا مركزيا لدينامية التحول التي ميزته عن كامل الجوار، بما في ذلك عن الجار الشرقي نفسه؟
إن الأمر يتعلق اليوم بابتزاز حقيقي لوطن بكامله، ولهذا فكل الكلام يصاب بالخرس، ويحضر فقط الرفض الوطني الصارم لسلوك أخرق يحمل كل هذا الحمق وبشاعة الاستهداف لكرامة المغاربة..
ليس مقبولا في المطلق كل هذا الارتماء العاري في حضن بلد أجنبي من أجل الضغط للحصول على مقعد في برلمان البلد المدعى الانتماء إليه، فحينها لمن سيكون الولاء؟ وأي برلمان في الدنيا هذا سيقبل بأعضاء لم يترددوا في جر بلد أجنبي للضغط على بلدهم؟ وإذا لم يكن هؤلاء الذين اختاروا الارتماء الشارد يعترفون بالقضاء المغربي قصد الطعن، فلماذا يبحثون عن عضوية السلطة التشريعية؟ فاختيار دولة المؤسسات لا يكون بهذه الانتهازية البشعة…
وسواء سافر جزائريونا الجدد اليوم إلى البلد الجار أو لم يفعلوا، وسواء عقدوا ندوتهم الصحفية أو تراجعوا، وسواء تلقوا مقابلا عن هذا الغباء أم اقترفوه حمقا وذلا،  فالبلد الراعي لطيشهم لن ينجح في حشر أنوفه في قضايا هي من شأن المغاربة فيما بينهم، ويفهمون فيه أكثر وأحسن من كل الجيران (وهادشي ماشي شغل شي حد غير المغاربة).
نريد أن نسمع اليوم مواقف واضحة من زعماء الأحزاب التي ينتمي إليها هؤلاء الذين ارتموا إلى ما وراء «زوج بغال»؟ ونريد أن نعرف ماذا هم فاعلون تجاههم؟
[email protected]

 

Top