المتطرفون السلفيون يعلنون حربهم

استغل المتطرفون السلفيون الأزمة في مالي لتوجيه الاتهامات تلو الاتهامات، مرة لفرنسا التي قالوا إنها(كانت من أشد أعداء المسلمين وأكثرهم إجراما في حقهم)، ومرة لكل من يتعاون مع فرنسا لتحقيق أهدافها، حيث وصفوا هذا التعاون بكونه(فعلا آثما)،

وبان التدخل الفرنسي في(بلد مسلم) هو (جريمة شنيعة ومنكرا عظيما)، كما اعتبروه تدخلا (صهيونيا وصليبيا)، ولم يترددوا في نعت من أسموهم المتعاونين مع فرنسا ب(الأوباش)، حيث خاطبوا (أوباش إفريقيا أكانوا عربا أو عجما)، بالقول بأن (فرنسا ستجر أذيال الهزيمة لا محالة وستفر من مالي عاجلا أو آجلا، وستترككم وحدكم تواجهون الإرهابيين كما تقولون ولن ينفعكم أحدا، فإياكم والحرب بالوكالة عن النصارى)، بل إن أحد هؤلاء المتطرفين ذهب حد الحكم بالخروج من(ملة الإسلام) على كل من (تعاون مع الفرنسيين في حربهم على مالي…).
بداية، وعلى عكس ما يروج له المتطرفون السلفيون، فالحرب في مالي هي ضد الجماعات الإرهابية المسلحة، وليس ضد دولة مالي، والأحداث التي شهدتها المنطقة هناك لمدة طويلة تؤكد ذلك، وتذكر بمناشدات الدولة المالية نفسها للمجتمع الدولي مرات ومرات، كما أن الموقف المغربي بقي دائما يشدد على التضامن مع مالي من أجل عودة النظام والشرعية ضد سيطرة المجموعات المتطرفة على شمال البلاد وتقدمها نحو جنوب البلاد، وبقي يطالب باستمرار بعودة النظام الدستوري واحترام المعايير الأساسية المتمثلة في الوحدة الترابية لمالي واستقلالها في مواجهة الحركات الانفصالية التي تهدد السلم والأمن ليس فقط في منطقة الساحل الإفريقي، وإنما في المنطقة المغاربية أيضا وخارجها.
إذن، فالحرب في مالي هي حرب ضد هذه الجماعات الإرهابية التي هجمت على بلاد بكاملها وزعزعت استقرارها، والتي تهدد الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة برمتها، كما أن المغرب معني، استراتيجيا وأمنيا بما يجري هناك.
وبالنسبة للمتطرفين السلفيين المغاربة، فهم كشفوا عن اصطفافهم في خندق الجماعات الإرهابية المسلحة في مالي، وبالتالي هم عبروا من جديد عن (إسلامهم) الذي يفهمونه ويعتنقونه، ولا تهمهم لا الحقائق كما هي على الأرض، ولا مصالح البلاد، كما أنهم، من جديد، لم يترددوا في تكفير من شاؤوا، أشخاصا ودولا، وأعلنوا بكل الوضوح الواضح أنهم لم يتغيروا، ولم يعمدوا إلى أية مراجعات ولا هم يحزنون.
لقد دأبت الرباط منذ شهور على التصريح والتنبيه إلى خطورة الأوضاع في مالي وفي كل الساحل الإفريقي، واليوم يخرج علينا المتطرفون السلفيون ليعلنوا أن كل هذا لا يهمهم، وأنهم اختاروا مقعدهم أو موقعهم ضمن الحركات الإرهابية المسلحة، ويصرون على عقلية التكفير، أي أنهم عرضوا علينا اليوم طبيعتهم الحقيقية وخطتهم للمستقبل.
[email protected]

 

Top