في الحاجة إلى… الانتباه

لم يعد المراقبون لشأننا السياسي والبرلماني يحذرون فقط من كثير ضحالة صارت تلف جلساتنا البرلمانية ومناقشاتها، ولم يعد المواطنون يفرون نحو العزوف فقط جراء ما ينقله لهم التلفزيون من داخل القبة من عراك و… عقم، ولكنها أخبار وفضائح أخرى باتت اليوم تهجم علينا كلنا، وتتركنا نغرق في القرف والحزن جراء ما ابتلينا به من «مخلوقات» سياسية عجيبة.
هذا «ممثل الأمة» يتابع قضائيا من طرف سيدة إثر علاقة غير شرعية بينهما انتهت بحمل وبميلاد طفل يأبى المعني بالأمر الاعتراف بأبوته له رغم كل معطيات التحاليل الطبية…
آخرون أدرجت ملفاتهم في المحاكم بتهم ومخالفات عديدة تتعلق بالمال العام، وبشراء الأصوات، وباختلالات في تسيير جماعات محلية يرأسونها…
أحدهم لم يجد مؤخرا في جعبته، وهو يسائل رئيس الحكومة، سوى أن يرغد ويزبد ويقول بأن الحكومة تهمش العالم القروي لأن هذا الأخير متشبث بثوابت الأمة والنظام الملكي (هل هناك أكبر من هذا الحمق؟)، وأمثاله موجودون بداخل قبتنا الميمونة، ومنهم من يعرف الناس فساده والكثير من فضائحه، ورغم ذلك يأخذ «سنطيحته» بين يديه، ويمارس «تخراج العينين» أمام الكاميرات وينادي بضرورة محاربة الفساد، ولا يتردد في الانتقاد والشتم والسب و… الجنون.
طبعا تضم غرفتا البرلمان الكثير من الأعضاء من ذوي المصداقية والنزاهة والكفاءة، وهم يجرون خلفهم مسارات نضالية ومهنية ومجتمعية زاخرة، ويستحقون التقدير، لكن الصورة أصبحت مغطاة بكائنات أفرزتها سنوات التزوير الانتخابي، وتقوت على مر الأعوام والولايات، وهي اليوم تتزعم المشهد، وتفرض على البلاد تفاهتها، وتقوي من حوالينا… الفراغ.
إن هذه الوضعية هي بالذات الخطر الحقيقي المحدق بنا وبأفقنا الديمقراطي، وهي التي  تجب مواجهتها من لدن الجميع دفاعا عن المستقبل.
البلاد، ونقولها للمرة المليون، في حاجة إلى أحزاب حقيقية، تكون قوية تنظيميا وداخليا وماليا وإشعاعيا وإعلاميا، وتكون أيضا ذات قرار مستقل وبمصداقية أكبر، وإن ما كان يستهدف القوى الوطنية الديمقراطية طيلة عقود هو الذي أنتج لنا اليوم الكثير من العبثيات في مشهدنا السياسي والانتخابي والحزبي، وقد حان الوقت اليوم لاستنفار كل الجهد الوطني اللازم من أجل حماية التعددية السياسية في البلاد، وجعلها تقوم على أحزاب قوية وموحدة ومستقرة ومستقلة وذات مصداقية، لأنها بذلك ستكون صمام الأمان الحقيقي للبلاد وللمستقبل وللاستقرار في المجتمع.
أما كل «التسنطيح» الرائج أمامنا اليوم، وكل الصراخ والتيه المتحرك من كل الجهات، فمآله الهروب عند أول امتحان.
فلنحسن جميعا فهم ما يجري وما ينتظرنا إن تواصل… العبث.

[email protected]

Top