العمل المغاربي

اجتماعات مجلس وزراء الخارجية للبلدان المغاربية الذي تستضيفه الرباط كان مناسبة ضائعة أخرى للجزائر، ولم تستثمرها لتعبر عن حد أدنى من الوعي بأهمية التحديات المطروحة على المنطقة، وضرورة الانكباب بجدية على تمتين العمل الاندماجي المغاربي وتقوية العمل المشترك لمصلحة شعوب المنطقة ومستقبلها.
برغم انعقاد الاجتماع المذكور مباشرة عقب الإعلان عن حكومة قديمة جديدة في الجزائر وانطلاق الولاية الرابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فإن جنرالات الجار الشرقي للمملكة اختاروا بعث إشارة الجمود و… الثبات على الموقف المعروف من المغرب.
في التشكيلة الحكومية المعلن عنها قبل أيام في الجزائر نفسها يتضح بجلاء الموقف العدائي الثابت، وذلك في الخطاب وفي الاحتفاظ بالأسماء والمواقع ذات الصلة بمعاداة المملكة، ثم جاءت الإشارة الثانية من خلال إعلان وزير الخارجية الجديد القديم عن جولة قريبة مرتقبة لبلدان الساحل، ومنها مالي، وذلك ضمن مساعي واضحة من الديبلوماسية الجزائرية للتضييق على النجاحات التي ما فتئت تحققها المملكة في المنطقة وعلى صعيد القارة الإفريقية برمتها، كما جسد الاجتماع الوزاري المغاربي بالرباط إشارة ثالثة عنوانها طبيعة ومستوى التمثيلية التي اختارتها الجزائر للمشاركة في هذا الاجتماع…
كل هذه الإشارات وسواها لا تعبر إذن سوى عن الاستمرارية في تشبث النظام الجزائري بذات العقلية المتكلسة تجاه المغرب، والإمعان في معاداته في حقوقه الوطنية، وأيضا الإبقاء على الجمود سمة لصيقة بالاتحاد المغاربي.
الأجندة المغاربية اليوم، وليس فقط اجتماع وزراء الخارجية المنعقد بالعاصمة المغربية، تتضمن كثير رهانات لابد من الانكباب عليها بجدية واستعجال، والحرص على العمل المشترك من أجل مواجهتها وربح  تحدياتها، وليس أقلها ما طالب به الناخبون في الجزائر خلال الرئاسيات الأخيرة، حتى أن ثلاثة مرشحين كانوا مضطرين أمام الإلحاح الشعبي لإعلان الالتزام بفتح الحدود البرية مع المغرب وإصلاح العلاقات الثنائية وتقوية العمل المغاربي المشترك، لكن ما إن انتهت الدعاية الانتخابية وباشر بوتفليقة ولايته الجديدة حتى عادت حليمة إلى عادتها القديمة، وبرزت سياسة العداء و… الجمود.
المنطقة أيضا تواجه مخاطر أمنية وسياسية وإستراتيجية في غاية الجدية والتعقيد، وذلك يستوجب تكثيف التنسيق والتعاون على الصعيدين الأمني والسياسي، لكن وحدهم جنرالات الجزائر لا يدركون كل هذا، ويصرون على… الأوهام.
النظام العسكري الجزائري هو العقبة اليوم، وما لم تتغير عقليته فإن كل الاجتماعات المغاربية ستبقى شكلية ومجرد… كلام.
[email protected]

Top