المهرجانات

مع اقتراب فصل الصيف وموسم العطل السنوية تعود المهرجانات الفنية والسياحية والاجتماعية لتخلق حركيتها وامتداداتها اللافتين، ومن ثم يفرض هذا الموضوع أحقيته في الاهتمام والمتابعة. إن الحركة المهرجانية في بلادنا لم تشهد في السنوات الأخيرة انتكاسة أو تراجعات عملية أو حقوقية كبيرة، رغم التخوفات التي سبق التعبير عنها بهذا الخصوص، وهذا جيد ويجب تسجيله والتنويه به، لكن أحيانا تبرز تصريحات من هنا أو هناك لا بد من التعبير عن رفضها واستهجانها، وبالتالي التعبئة المستمرة لصيانة الدينامية المهرجانية والعمل من أجل تطوير إشعاعها وحرفية تنظيمها وجودة حكامتها.
عدد من المهرجانات التي تشهدها مدن مختلفة في بلادنا طيلة العام، صارت اليوم عناوين جاذبة للاهتمام، ليس فقط داخل المملكة، وإنما من خارجها أيضا، كما أنها تخدم صورة البلاد وإشعاعها الدولي والإقليمي، ولهذا علينا كلنا حمايتها والتمسك بها.
مهرجانات ومواسم عديدة أخرى تقام بمدن وقرى متنوعة في مختلف جهات البلاد تعتبر كذلك مناسبات سنوية للتواصل الإنساني والاجتماعي بين الأسر والأقارب، فضلا عن ما تتيحه من إمكانات للرواج التجاري المحلي، وما تخلفه للساكنة من مداخيل ومنافع.
وعندما نتابع تجارب عدد من الدول بهذا الخصوص، عربية وغير عربية، فإننا نخلص إلى التأكيد على أن المغرب لا يتوفر أصلا سوى على عدد قليل من المهرجانات، مقارنة بكثير من هذه البلدان، كما أنه يفتقر إلى إستراتيجية شمولية بإمكانها تقوية كل هذه المهرجانات وتمتين منظومتها، واستثمار إشعاعها لتطوير منتوج سياحي مثلا، وأيضا لتفعيل برامج تنموية مرتبطة بها في مناطقها، ثم لتمكين الفنانين المغاربة وكل المشتغلين في مختلف المهن الفنية والتقنية واللوجيستيكية ذات الصلة من الاستفادة من الوفود الفنية الأجنبية المشاركة والتفاعل مع تجاربها وتقوية مهاراتها الإبداعية والتقنية والتنظيمية، وبالتالي التأسيس لقطاع منتج ومحدث للشغل وللثروات يكون مرتبطا بصناعة المهرجانات.
لكل ما سلف، يجب الدفاع عن المهرجانات الفنية، بالإضافة إلى كونها تجسد حرية المغاربة وواجهة ممارستهم لحقهم في الفرح والاحتفاء، وتعكس ببرمجاتها المتنوعة وخلفياتها المتعددة هوية بلادنا وشعبنا القائمة على التنوع والاختلاف والتسامح والانفتاح.
وفي مقابل كل هذا، فإن الانتصار المبدئي للحركية المهرجانية لا يجب أن يمنعنا من المطالبة بإخضاع تنظيمها لمقتضيات القانون، ولشروط التكافؤ والشفافية، أي أن مختلف الجوانب التمويلية ذات الصلة يجب أن تكون شفافة وواضحة ومحترمة للقانون.
لا يمكن بحجة الدفاع عن المهرجانات تشجيع استمرار الريع والفساد، أو تشجيع الاغتناء الشخصي والانتهازي للبعض على حساب هذه المهرجانات…
نتمنى أن يكون موسم المهرجانات هذا العام ناجحا ومحدثا للفرحة والامتاع، وأن يخلو من كل الحوادث السلبية، كما نأمل الرفع من مستوى الاهتمام  العام بهذه التظاهرات وتطوير  انعكاساتها الايجابية على مناطقها، وعلى الساكنة المحلية.
[email protected]

Top