فشل التدبير المفوض

قبل بضع أيام، صادق مجلس مدينة سلا على  مقرر يرفض، بموجبه، مقترح شركة «فيوليا» القاضي باقتناء شركة «أكتيس» لـ «ريضال» التي تشرف على الماء والكهرباء، كما أوصى باسترداد العقد من «فيوليا». ويضاف موقف منتخبي سلا إلى الجدل القائم منذ شهور بشأن نفس الموضوع، سواء في الدار البيضاء أو الرباط أو طنجة، ما يجعل الأمر اليوم يتعلق بإقرار المنتخبين في مناطق مختلفة من البلاد بفشل التدبير المفوض، وتفويت قطاعات النظافة والتطهير والماء والكهرباء لشركات أجنبية بعد انسحاب الجماعات من الإشراف عليها.
وإذا تأملنا اليوم خارطة الانتماءات السياسية والحزبية للمنتخبين المصرين على ضرورة استعادة تدبير هذه القطاعات من لدن الجماعات المحلية، فإننا مباشرة نستحضر الجدل الذي رافق التفويت قبل سنوات، خصوصا على صعيد الدار البيضاء وفي مناقشات البرلمان، ونسجل أن كثيرا من المدافعين اليوم عن ربط تدبير الماء والكهرباء والتطهير بالجماعات، هم أنفسهم، أو على الأقل أحزابهم، من كان حينها يضغط من أجل التفويت لشركات أجنبية.
تبعا لذلك، سيكون مهما اليوم لو تجرأ هؤلاء المنتخبون ليفسروا للمغاربة مبرر تغير موقفهم، كما سيكون من باب احترام المواطنات والمواطنين ومقتضيات دولة القانون، لو تم نشر تقييم موضوعي لحصيلة عمل شركات التدبير المفوض وللأدوار التي لعبها رؤساء الجماعات، ليضاف ذلك إلى باقي التقارير والافتحاصات التي جرى تعميمها من قبل حول هذه القضايا، وكشفت عن عديد فضائح.
أمام تزايد عدد الرافضين اليوم لاستمرار سياسة التدبير المفوض لشركات أجنبية، لابد إذن من تذكير الجميع بالمناقشات الساخنة التي كان شهدها مجلس الدار البيضاء حول الموضوع، والمرافعات القوية لمنتخبي القوى التقدمية، وضمنها حزب التقدم والاشتراكية، آنذاك، وتنبيهاتهم المتكررة إلى المخاطر والاختلالات المتضمنة في دفاتر التحملات وفي كامل المنظومة وخلفياتها، وبالتالي توجيه التحية لهؤلاء المناضلين الذين حالت لعبة التصويت حينها دون الإنصات إلى الاجتهادات الهامة التي مافتئوا يدافعون عنها.
وسواء في سلا أو في الرباط أو في الدار البيضاء أو في طنجة أو في غيرها، فإن المطلوب اليوم هو إدراج أي قرار ضمن رؤية شمولية متكاملة تسعى أولا وقبل كل شيء إلى توفير النظافة لفائدة ساكنة هذه المدن، وإلى حماية جيوب الفقراء جراء الفواتير المرتفعة التي تنزل عليهم مقابل ما يستهلكونه من ماء وكهرباء، وبالتالي الحرص على تحسين الخدمات الموجهة للناس.
وبالإضافة إلى ما سبق، وباستعراض ما كانت قد كشفته تقارير المجلس الأعلى للحسابات من فضائح واختلالات على صعيد هذه القطاعات، فإن المطلوب اليوم هو تقوية الشفافية المالية وصيانة المال العام، وتمتين جودة الحكامة، ومن ثم تفادي إعادة إنتاج ذات الأوضاع المزرية التي سادت قبل مرحلة التدبير المفوض.
[email protected]

Top