إسبانيا الرجعية

لم تجد إسبانيا ما تبرر به تزايد اعتداءات قواتها الأمنية، في الفترة الأخيرة، على مواطنين مغاربة، سوى القول إن الحادث الأخير، والذي أثار احتجاج الخارجية المغربية، ليس سوى حادثا معزولا، معلنة، في بلاغ لوزارة خارجيتها، عن فتح تحقيق في الموضوع للوقوف على كل الحقائق المرتبطة بما جرى. هذه المرة،  وكما في مرات سابقة، تلجأ السلطات الإسبانية في تبريراتها إلى تحميل المسؤولية إلى المواطنين المغاربة، ضحايا الضرب والتنكيل الذي تمارسه في حقهم الشرطة الإسبانية…
إسبانيا الديمقراطية تجرها اليوم مؤسستها الأمنية، وأيضا العسكرية، كثيرا إلى الوراء، أي إلى التفكير العنصري وإلى العقلية الاستعمارية، ولذلك فالمغرب والمغاربة هما الملعب المناسب للفظ هذه المشاعر والسلوكات… العنصرية.
من حق المغرب أن يحتج ويدين الاعتداءات التي يرتكبها الأمنيون الإسبان ضد مواطنيه، ومن حق المغرب أن يتشبث بموقفه الوطني المبدئي القاضي باسترجاع سبتة ومليلية وكل الأراضي التي لا زالت إسبانيا تحتلها في القرن الواحد والعشرين، ومن حق المغرب أن يدافع عن مصالحه الاقتصادية والسياسية مع إسبانيا ومع الاتحاد الأوروبي، لكن ليس من حق إسبانيا أن تتجمد، إلى غاية اليوم، عند ماضيها الاستعماري، خصوصا في علاقتها بالمغرب، وليس من حق إسبانيا، عند كل أزمة داخلية تهمها، أن تصرف تداعيات ذلك في اتجاه المغرب وضد المواطنين المغاربة، وليس من حق إسبانيا ثالثا أن تجعل المغرب ومصالح المغرب ضحية رجعية مؤسستها الأمنية والعسكرية، ورابعا ليس من حق إسبانيا أن تكون قوة مستعمرة وتمتلك جهاز أمن عنصري، وفي نفس الوقت تكون عضوا في نادي الدول الديمقراطية، وفي الاتحاد الأوروبي، وترفع شعارات حقوق الإنسان، وهي من أبرز منتهكيها اليوم في علاقتها بالمواطنين المغاربة.
هذا ما يجب أن تواجهه إسبانيا الديمقراطية اليوم، أن تواجه إسبانيا الأخرى، أي إسبانيا الرجعية، إنه مرضها الداخلي…
إنه التحدي الجديد أمام دبلوماسيتنا، وأمام طبقتنا السياسية، وعلينا أن نأخذه في الاعتبار.

Top