اجتماع السفراء

انتهى في الرباط اجتماع السفراء، الذي أقامته وزارة الشؤون الخارجية والتعاون لفائدة ممثلي المملكة عبر العالم، وقد تميزت دورة هذه السنة بالرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين، وقد أجمعوا على اعتبار مضامينها بمثابة خارطة طريق للديبلوماسية المغربية، وبأنها تجسد أولويات ومهام السفراء المغاربة بمناسبة «دخولهم» هم أيضا، وبداية موسم العمل الجديد.
إن اجتماع السفراء، وفضلا عن أهمية الاحتفاظ به كتقليد سنوي، على غرار ما تعمل به العديد من الدول، فإنه مدعو للتطور المستمر، والتحول إلى موعد سنوي تتوجه إليه أنظار المعنيين به أولا، والمتابعين، إعلاميين وسياسيين وفعاليات مدنية واقتصادية، بالإضافة إلى المراقبين لشأننا الديبلوماسي، مغاربة وأجانب، وهذا يتطلب عملا مهنيا وسياسيا حقيقيا، والاستفادة من تجارب بلدان أخرى على هذا الصعيد.
لقاء الرباط، مثل مناسبة لتجديد الإطلالة على واقع ديبلوماسيتنا في الخارج، ومستوى العمل الذي يقدمه أغلب سفرائنا وديبلوماسيينا في القارات الخمس، وهذا يبرز حاجة بلادنا اليوم إلى سفراء من نوعية مختلفة، أي كفاءات وطنية تمتلك المعارف والخبرات الضرورية، وتتقن اللغات الأجنبية، ولديها معرفة عميقة بقضايا المغرب وأولوياته ومصالحه، وتتوفر أيضا على قدرة الانفتاح على بلد الاعتماد والتفاعل والتواصل مع فعالياته المختلفة، فضلا عن مسؤوليه ومؤسساته الرسمية، والحضور في مشهده العام و»بيع» النموذج المغربي في التنمية والانفتاح والاستقرار والإصلاحات، كما ورد ضمن التوجيهات الملكية للمشاركين في اجتماع الرباط.
لقد تغيرت محددات وأسس العمل الديبلوماسي في عالم اليوم، وصار فاعلون جدد يحضرون بقوة وتأثير في مسلسلات صنع السياسات الخارجية للدول والمنظمات، ومن ثم، بات واجبا كذلك على سفرائنا الانفتاح على هؤلاء الفاعلين، وعلى نظرائهم المغاربة، واستثمار العلاقات معهم لخدمة مصالح المملكة وتطلعاتها وقضاياها المشروعة، بالإضافة إلى أهمية المساعدة على تقوية الحضور الدولي للأحزاب والنقابات والمنظمات الحقوقية والهيئات الاقتصادية والعلمية والثقافية، وذلك بحرفية عالية، وفي احترام لاستقلاليتها ومصداقيتها، ما يمكن أن يؤدي إلى تعزيز الدفاع عن القضايا الوطنية في مختلف المنتديات الدولية والإقليمية.
وفي الأولويات، ففي حين تحقق قضية وحدتنا الترابية مكاسب متتالية عبر العالم، وتنفضح كل يوم ترهات الخصوم، فإن كثيرا من سفرائنا لا يستثمرون هذه الدينامية بشكل فعال، كما أنهم يمتلكون حضورا ضعيفا في مواجهة لوبيات الخصوم في أكثر من محفل دولي، ثم إن تظلمات أفراد الجالية المغربية وشكاياتهم تنبعث من أكثر من بلد وقارة، وأحيانا يغيب في بعض سفاراتنا حتى حسن الاستقبال للمرتادين عليها، وخصوصا من  مغاربة العالم، وعلى هذين المحورين يجب اليوم تمتين العمل والمتابعة بجدية وصرامة.
إن المغرب الذي يعيش اليوم ديناميته المتفردة والمختلفة عن واقع محيطه الإقليمي، يستحق عملا ديبلوماسيا مختلفا كذلك، أي يتميز بالذكاء والكفاءة والالتقائية والاستمرارية.
[email protected]

Top