التخلص من أصدقاء السوء يبدأ بكشف عيوبهم

يؤكد خبراء علم الاجتماع أن رفقاء السوء يتميزون بتفاوت درجات إساءة كل صديق عن الآخر، ويجتمعون في الابتعاد عن الفضائل ويُضيعون أوقاتهم في الغيبة والنميمة. ويشدد الخبراء على أن التخلص من أصدقاء السوء يبدأ بكشف عيوبهم، مشيرين إلى أنها أكبر منفعة يمكن أن يقدمها الشخص لذاته.

وقال خبير التنمية الذاتية مايك شيرمان “ستسدي لنفسك خدمة لا تقدر بثمن إذا تخليت عن أصدقاء السوء ممن يسممون حياتك، وستعرف معنى اللحاق بالسعادة حينها”.

ونصح شيرمان بتجنب أصدقاء السوء بصرامة، ومنهم الصديق الذي لا ينفك يخبر صديقه بصعوبة تحقيق أحلامه، ويضعف ثقته بنفسه، وغالباً ما يقنعه بعدم قدرته على الوصول إلى أهدافه.

وقال “هذا النوع من الأصدقاء يملأ الكوكب، فاحذر منهم، ولا تعتبر أن مساعدتك لأصدقائك واجب لا ضير فيه، إلا إن كان صديقاً حقيقياً، وهذا الأخير لا يستغلك، بل يسعى لرد جميلك ويقدرك”.

ونصح بالابتعاد عن الأصدقاء المستغلين الذين يستنزفون الشخص عاطفياً ومادياً “فهؤلاء لا يعتمد عليهم وسيديرون لك ظهرهم في حال احتجت لهم”.

كما أشار سلطان حميد الجسمي المفكر والاعلامي والكاتب الإماراتي إلى أنه من الصفات التي يمكن أن نعرف بها صديق السوء المصلحة التي تغلب على كل تصرفاته، حيث يعمل دائما على إتمام مصالحه على حساب صديقه حتى وإن كان في ذلك ضرر لصديقه وهو ما يمكن تسميته بالاستغلال. كذلك من صفاته الخيانة وعدم الولاء لصديقه والقدرة على الاستغناء عنه في أي وقت فضلا عن انعدام مبدأ الثقة في هذا الشخص.

وقال شيرمان إن الصديق المخادع الذي يطعن في الظهر لا يمكن بأي شكل من الأشكال اعتباره صديقا، وإلا يكون الشخص قد حكم على نفسه بالفشل والتعاسة.

وقال الجسمي إن الصديق هو ذلك الشخص الذي تكون معه كما تكون مع نفسك، أي هو الإنسان الذي تعتبره بمثابة النفس تجمعك به علاقة صداقة يمكن تفسيرها بعلاقة اجتماعية بين شخصين أو أكثر تقوم على أساس المودة والتعاون والثقة المتبادلة.

وأضاف أن علاقة الصداقة لا يمكن أن تكون سببا للمشاكل والمتاعب لكن ليس دائما، فغالبا ما يستغل مفهوم الصداقة لأغراض سيئة قد تودي بحياة الأفراد أحيانا أو تضر بمستقبلهم.

ولأن الطبيعة البشريّة تتميز بتأثر الإنسان بصديقه وجليسه، حيث يكتسب الأخلاق والصفات من الأصدقاء والأقران ويُشار إلى أنَّ أخلاق المرء تُعرف من خلال أصحابه، فإن الصفات السلبية أيضا تكتسب من خلال معاشرة أصدقاء السوء.

وقال الجسمي إنه في الكثير من القضايا الجنائية التي تعلن عنها الجهات المعنية نجد أن أصدقاء السوء هم السبب الرئيسي والمباشر في تورط الجاني في ارتكاب هذه القضايا “فالصاحب ساحب” وصديق السوء دائما ما يسحب أصدقاءه الى التهلكة والانحراف.

وشدد الجسمي على دور الآباء والأمهات في هذه الصداقات مشيرا إلى أنه أمر مهم وواجب، كما يجب عليهم إبعاد أبنائهم من الوقوع في كوارث وخسائر لا تنتهي.

والمقصود بالخسائر هنا، وفق الجسمي، ضياع الابن إما بانحرافه السلوكي وسقوطه في هاوية الإدمان وتعاطي المخدرات التي غررت بحياة الكثير من الشباب أو انسياقه وراء ارتكاب أفعال إجرامية أو المشاركة في مشاجرات ومشاحنات وتجمعات سوء وغير ذلك من الأفعال المخالفة التي يقف وراء أغلبها رفقاء السوء، لذا كان لزاما أن يتدخل الآباء في صداقات أبنائهم حتى لا يتدمر فلذات أكبادهم ويضيع مستقبلهم وآمالهم ويحافظون عليهم من أية انتكاسات، فهم الجيل القادم الواجب أن يكون مسلحا بالعلم الجيد والثقافة الواسعة والسلوك القويم والشخصية القوية.

ويرى الخبراء أنه رغم تحضر أغلب المجتمعات وتفتحها إلا أنها من الصعب أن تكون خالية من هذه الفئة من الأشخاص ولذلك على الفرد أن يحاول قدر الإمكان أن يتقيهم ويكون في غنى عنهم. وينصح الخبراء بالابتعاد عن الصديق الذي يسرق الفرص، ويؤذي رغم محبة صديقه له، ويرون أنه لا يستحق الاحترام أو الصداقة، وينصحون بالتخلص منه قبل أن يسمم حياة رفيقه.

كما ينصحون بعدم السماح للأصدقاء بقبول الإهانات من أصدقاء السوء بدعوى قوة العلاقة بينهم، مشيرين إلى أن الصديق الذي لا يحترم صديقه خاصة أمام الآخرين لا يستحق صداقته.

وقال الجسمي إن الحياة الاجتماعية والصداقة أمران مهمان في حياة الفرد النفسية، لكن هذه الحاجة الملحة يجب ألا تجعلنا نتسرع في اختيار الصديق الذي قد يكون له تأثير كبير على حياتنا في المستقبل. وأضاف أن متابعة سلوكياته ومعرفة تاريخه الاجتماعي أمر واجب، فأصدقاء السوء عادة ما تكون لهم سوابق اجتماعية نتيجة لسلوكياتهم.

ويجمع الكثيرون على أن بقاء الآباء بالقرب من أبنائهم أمر إيجابي ذلك أنه من جهة يمنع الأبناء من التحاقهم برفقاء السوء، ومن جهة أخرى يحفزهم على كسر الحواجز الأسرية ما يفتح باب الشفافية بين الابن ووالديه.

ويعتبر خبراء علم الاجتماع أن المدارس تعتبر الساحة الأساسية لوجود رفقاء السوء ولها الدور الكبير في توعية الطلاب وتقوية سلوكهم من خلال تعزيز المفاهيم والمبادئ والقيم التربوية وكذلك المناهج والأنشطة التي تعلمهم كيفية الحفاظ على أنفسهم من التواصل مع رفقاء السوء.

وأكد الخبراء أن الأمر بشكل عام يحتاج إلى تكاتف جميع الجهود على مختلف المستويات وتكثيف الحملات التثقيفية من خلال وسائل الإعلام وربط الطلبة بالقيم والأصول والعادات والتقاليد وبالتعاون والنقاش والحوار وبذلك يمكن أن يكون رفقاء السوء رفقاء إيجابيين.

Top