قطاع العقار في المغارب تتشابك تجليات الريع والفساد فيه…

لقد أعلنت الدولة عن العديد من البرامج الرامية إلى القضاء على مدن الصفيح والسكن العشوائي، كما قدمت العديد من المقتضيات لإنعاش السكن الاجتماعي، لكن بالرغم من ذلك. فلا زال الكل يتحدث عن الفساد الذي يعم المجال، والأرقام الصاروخية التي بلغتها أسعار السكن، والغموض المنتشر ضمن العمليات التجارية ذات الصلة، حتى صار واقع السكن في المغرب وحده منظومة متكاملة من الريع والفساد محصنة عن المحاربة والاختراق.

وقد استبشر المواطنون خيرا بإقدام وزارة الداخلية على تولي ملف السكن العشوائي ومحاربة مدن الصفيح، واتخاذ إجراءات زجرية ضد بعض المتورطين من منتخبين ورجال سلطة، وتمنوا تواصل هذا الحزم لإنقاذ المغاربة القاطنين داخل أحزمة البؤس بمختلف مدننا.
واليوم تسجل الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين خطوة ايجابية في السياق ذاته، بإعلانها  عن حملة لإشهار أثمنة السكن، ابتداء من فاتح يوليوز وسط كل أعضائها وجمعياتها المنتشرة في مختلف الأقاليم، وبالتالي التعبئة  لمحاربة ما يعرف ب(النوار)، والذي يحرم الأسر متوسطة وضعيفة الدخل من الولوج إلى ملكية (قبر الحياة).
المبادرة ، بحسب أصحابها، تروم تعزيز الشفافية والثقة مع المشتري ومع السلطات العمومية، كما أنها تأتي بعد أن كانت الفيدرالية قد أطلقت في نونبر 2008 ميثاق الأخلاقيات، وبعد إحداث لجنة الأخلاقيات، وأيضا التفكير الذي تم حول وضع العلامة التجارية، وهي كلها خطوات من شأنها تطوير منظومة الشفافية والوضوح داخل القطاع، خصوصا في العلاقة بين البائع والمشتري، وتمكن من إعمال آليات الرقابة والمتابعة.
بطبيعة الحال، وحيث أن ما يشهده هذا القطاع بات منظومة ريعية متكاملة، فان  الخطوات المشار إليها ، وبالرغم من ايجابيتها، فهي تحتاج إلى  مواكبة وإسناد وتأطير، خصوصا أن الميدان يعرف تواجد وحدات غير مهيكلة كثيرة، وأطراف تكاد في الغالب تكون غير مرئية، وهي التي تحتضن الريع والفساد و…(النوار)…
فإذا كان المنعشون العقاريون مدعوون ، ابتداء من فاتح يوليوز المقبل، لإشهار أثمنة عروضهم ومشاريعهم العقارية في مختلف عملياتهم التواصلية والدعائية، والمواطنون مطالبون بالإصرار على عدم  دفع (النوار)، وفضح من يتعامل به لدى السلطات، فان هذه الأخيرة مطالبة كذلك بتشديد المراقبة والتتبع واتخاذ إجراءات زجرية في حق المخالفين، واستثمار كل الوسائل للتحسيس بهذه الخطوات.
التحدي أمام مبادرة فيدرالية المنعشين العقاريين اليوم يوجد في التنفيذ، وفي القدرة على الانتقال بالواقع الحالي إلى واقع جديد يعزز دينامية النهوض بالسكن الاجتماعي، والقضاء الفعلي على مدن الصفيح.