الخطر الإرهابي

الإعلان قبل أيام عن إيقاف عناصر يشتبه في انتمائها لخلية تستقطب إرهابيين لفائدة تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، ثم تفكيك الخلية الأخرى قبل شهر، وكانت تعتزم إنشاء معسكرات تدريب وسط جبال الريف بغاية القيام بهجمات على السلطات العمومية، وتحركات أخرى مماثلة أعلنت المصالح الأمنية في الفترة الأخيرة عن انجازها، كل هذا يفيد أن التنظيمات الإرهابية عادت مرة أخرى لتهديد بلادنا واستهداف أمنها واستقرارها. إن الوقائع المتواترة في الشهور الأخيرة، وما ينشر عن الأحداث في مالي وفي منطقة الساحل والصحراء بصفة عامة، يكشف أن (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) تحاول فعلا اختراق بلادنا من خلال التراب الجزائري الذي يراد له أن يكون معبرا للإرهابيين نحو المغرب، وأيضا مكانا لتدريب عناصر مغربية كي تعود لتنفيذ جرائمها داخل التراب الوطني بمدن مغربية مختلفة.
من دون شك، إن مختلف المصالح الأمنية الوطنية تلتزم منذ فترة حالة استنفار ويقظة كبيرين، وهي تواصل اليوم تفعيل مقاربتها الاستباقية التي أكدت نجاعتها من خلال تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية في السنوات الأخيرة، وتم بذلك تفادي وقوع مآسي في حق بلادنا وشعبنا، كما أن اللقاءات المكثفة التي تعقد هذه الأيام بعدد من جهات المملكة، وأجواء التعبئة الأمنية الواضحة بمناسبة احتفالات رأس السنة الميلادية، وخصوصا في المدن السياحية التي تستقطب زوار وشخصيات مرموقة من كل العالم، كل هذا يندرج ضمن حرص سلطات المملكة على حماية أمن البلاد واستقرارها، ومواجهة كل ما يتهددها من مخاطر إرهابية وإجرامية.
وبرغم أهمية هذه التعبئة الأمنية الداخلية، ما يفرض التنويه بالجهد الكبير المبذول بهذا الخصوص من لدن مختلف المصالح ذات الصلة، فان الظرفية الإقليمية والدولية السائدة اليوم في محيط بلادنا تجعل التحدي المطروح كبيرا، وهو ما يتطلب تنسيقا أمنيا وإرادة قوية من طرف بلدان المنطقة، وخصوصا الجزائر التي كانت دائما المعقل الرئيسي للحركات الإرهابية والجماعات المتطرفة.
وفي السياق نفسه، فان التحدي الذي تطرحه اليوم المخاطر الإرهابية على بلادنا يفرض تقوية الوعي الوطني الداخلي لمواجهته من أجل إنجاح مسلسلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل البلاد، وتعزيز ديناميات الدمقرطة والتحديث وإشعاع قيم الانفتاح والتسامح واحترام حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا. وإن النجاح في هذه الرهانات الجوهرية سيكون هو صمام الأمان الحقيقي لشعبنا وبلادنا في مواجهة كل ما يستهدف استقرارها الداخلي وأمنها ووحدتها.

Top