المصالحة الفلسطينية

نجحت حركتا»فتح»و»حماس في وضع حد للانقسام الفلسطيني، وذلك بالتوقيع على اتفاق مصالحة يمهد لتشكيل حكومة توافق وطني قبل إجراء انتخابات خلال ستة أشهر،

وتم الإعلان أن الحركتين تؤكدان الالتزام بما جرى الاتفاق عليه سابقا في اتفاق القاهرة والاتفاقات الملحقة له، وإعلان الدوحة واعتبارهما المرجعية عند التنفيذ.
من المؤكد أن هذه النتيجة مثلت خبرا سارا للشعب الفلسطيني، وأيضا لكل المدافعين عن الحقوق المشروعة للفلسطينيين والمساندين لنضالهم الوطني ضد الاحتلال الإسرائيلي، والجميع يتطلع كي تنجح الحركتان، وباقي الفصائل الفلسطينية في امتحان تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه.
الاتفاق، وفضلا على أنه سينهي انقساما فلسطينيا داخليا غير ذي معنى، فهو أيضا سيمكن السلطة الوطنية الفلسطينية من الامتداد المفروض على كافة أراضي الدولة، وسيساهم في توحيد النضال الفلسطيني لاستكمال باقي مراحل المعركة من أجل دولة مستقلة وعاصمتها القدس وتتوفر لها كافة شروط الحياة والاستمرار وفق الشرعية الدولية.
وسيؤسس اتفاق المصالحة لدينامية عامة من شأنها الإفراج عن عدد من المعتقلين من لدن تنظيمات الحركتين، وبالتالي تحقيق بعض مطالب الأسر الفلسطينية المكلومة، علاوة على أنه سيتعزز التواصل بين الضفة وغزة على الصعيدين الاجتماعي والإنساني، وسيتقوى بذلك المفاوض الفلسطيني ويرتكز على وحدة وطنية سياسية وشعبية داعمة للمقاومة ولمسلسل المفاوضات.
أما على مستوى الداخل الإسرائيلي وفي واشنطن بالخصوص وعلى صعيد المجتمع الدولي، فالأولى أن يحرص الجميع اليوم على إسناد هذه الدينامية التصالحية، والدفع بها إلى الأمام، لأن هذا المسار هو الذي سيقوي معسكر السلام، عكس ما يروجه اليوم اليمين الصهيوني في إسرائيل وخارجها من أن المصالحة ستقود إلى تقوية الحركات الإرهابية والمتطرفة، ذلك أن الانقسام الداخلي والتضييق الإسرائيلي والتماطل الدولي والإقليمي هو ما يؤدي إلى سيادة الإحباط واليأس، أي التعصب والتطرف…
إن فصائل الثورة الفلسطينية يجب أن تدرك اليوم أن الخطوة التي أقدمت عليها حركتا فتح وحماس، لابد أن تندرج ضمن صيرورة عامة وشمولية تقوم على تقوية السلطة الوطنية الفلسطينية وبناء مؤسسات الدولة وإشاعة القانون، بالإضافة إلى الاصطفاف الجماعي إلى جانب خيار السلام، واعتماد الواقعية في المواقف والمفاوضات، بغاية قيادة الشعب الفلسطيني نحو دولته المستقلة .
ويضاف إلى ما سبق أن توقيع اتفاق المصالحة يجب أن يضع حدا كذلك لمنطق المحاور والتبعية لقوى إقليمية، وبالتالي تفادي جر الشعب الفلسطينية لمنغلقات الحسابات الإقليمية والتدخلات الخارجية، ذلك أن البلدان العربية يجب أن تشكل كلها  السند والظهر للثورة الفلسطينية بلا وصاية فجة أو تحكم أو تصفية حسابات…
يستحق الشعب الفلسطيني، وأساسا سلطته الوطنية وقيادته السياسية، التهنئة اليوم على خطوة المصالحة، ويبقى التحدي هو تنفيذ مقتضياتها، والصمود أمام الضغوط الإسرائيلية والدولية، وإعطاء الصورة الواقعية للعالم، والانخراط في الضغط والهجوم من أجل  التصدي للاحتلال والتهويد والاستيطان، وأيضا من أجل الإفراج عن الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، وبالتالي الحرص على قوة السلطة الوطنية الفلسطينية وشرعيتها وتمثيليتها.

[email protected]

 

Top