المغرب يجدد التأكيد على تشبثه بالمبادئ الافريقية للتضامن والتعاون والسلام والتنمية

أشاد وزراء أفارقة سابقون، أول أمس السبت بالداخلة، بريادة المغرب القارية في مجالات التعاون الثنائي والأمن والمناخ والهجرة.
وأكد رئيس الوزراء الأسبق لجمهورية إفريقيا الوسطى، مارتن زيغولي، في كلمة خلال جلسة نقاشية حول التكامل الاقتصادي والسياسي لأفريقيا، ضمن فعاليات النسخة الثانية من منتدى “المغرب الدبلوماسي- الصحراء”، أن المملكة “عززت حضورها كفاعل داخل الاتحاد الإفريقي، بفضل ريادتها في مجالات المناخ والأمن والهجرة”.
وأضاف أنه منذ عودة المغرب لمكانه الطبيعي، الاتحاد الإفريقي، اضطلع بدور هام في تطوير الشراكات الإستراتيجية في القارة، مع تعزيز مكانته من خلال دبلوماسيته القائمة على التقارب مع العديد من المجتمعات الإقليمية.
من جهته، رحب وزير الخارجية القمري السابق ووزير الدولة السابق للعدل، فهمي سعيد إبراهيم الماسيلي، بانعقاد هذا المنتدى الذي يتيح الفرصة لمناقشة “مسألة تكامل إفريقيا، والأسباب الجذرية للتخلف الإفريقي، وبالخصوص الدور الرئيسي للمغرب، من خلال إرادة وخطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس اللذان يعطيان زخما لهذا التعاون جنوب – جنوب”.
وفي السياق ذاته، تطرق الماسيلي إلى “سؤال التعاون الاقتصادي والطاقي، وضرورة تضافر الجهود من أجل السماح لأفريقيا – أخيرا – بالقيام بدورها الحقيقي”، داعيا إلى تشجيع وتعزيز التعاون بين البلدان الإفريقية، بما يفضي إلى برزو القارة في في سياق عالمي للسياسة الدولية يعيش على وقع إعادة التشكيل.
فضلا عن ذلك، دعا وزير الخارجية السنغالي السابق والممثل السابق للأمم المتحدة في جمهورية إفريقيا الوسطى، مانكور ندياي، إلى “إفريقيا الحلول وليس إفريقيا المشاكل” ، وإلى مزيد من التعاون بين البلدان الإفريقية من أجل تكامل أفضل.
وتابع ندياي أن التجارة البينية الإفريقية ما تزال منخفضة للغاية، مؤكدا الحاجة الماسة إلى تفعيل أدوات وآليات للتقارب والتكامل، على غرار منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
وفي كلمة ألقتها نيابة عنه، السفيرة، مديرة الشؤون الإفريقية، لمياء الراضي، في افتتاح الدورة، جدد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، التأكيد على تشبث المغرب بالمبادىء الافريقية للتضامن والتعاون والسلام والتنمية، وإرادة المملكة، طبقا لتوجيهات جلالة الملك، لتعزيز روح الوحدة والتضامن والتنسيق بشأن القضايا الاستراتيجية ذات الاهتمام المشترك من اجل تكامل أفضل وتنمية مستدامة للقارة الأفريقية.
وقال بوريطة الثانية لمنتدى “المغرب الدبلوماسي- الصحراء” المنظم تحت شعار “المغرب في إفريقيا ، اختيار ملكي من أجل قارة شاملة ومتكاملة”، “إن السياسة الإفريقية للمغرب بلغت اليوم مستوى ومرحلة جديدة، من حيث أهميتها الجغرافية، ومضمونها، وطبيعة مشاريعها، وبعدها المؤسساتي”.
وأضاف أن المغرب انتقل الى سياسة مكثفة ومتعددة الابعاد، من خلال نسج شراكات متعددة القطاعات، تم اعدادها ضمن سياق شامل ، متكامل ومندمج، يروم النهوض بالسلم والاستقرار، وتيسير التنمية البشرية المستدامة، والحفاظ على الهوية الثقافية و الروحية للشعوب الإفريقية.
وأوضح بوريطة في هذا الصدد، أن عودة المغرب لأسرته المؤسساتية داخل الاتحاد الافريقي، مكن المملكة من الانخراط في مختلف الاستراتيجيات القطاعية للتنمية بإفريقيا والمساهمة فيها بشكل فاعل، من خلال إغنائها بالتجربة التي راكمها المغرب في العديد من القطاعات .
وذكر بأن جلالة الملك قام منذ اعتلائه عرش المملكة، بأزيد من خمسين زيارة رسمية لمناطق مختلفة من القارة ولأزيد من 25 بلدا، مما يعكس في نواحي كثيرة رؤية جلالته الاستراتيجية بالرقي بعلاقات تعاون المملكة مع البلدان الافريقية، نحو شراكة استراتيجية فاعلة ومتضامنة ، مبرزا حجم الاستثمارات المنجزة والمشاريع التي تم تدشينها في قطاعات الفلاحة والإسكان، والاتصالات والأبناك والبنيات التحتية الأساسية، فضلا عن تعزيز المبادلات التجارية.
وفي نفس الإطار ذكر بوريطة أنه منذ العام 2000 ، وقع المغرب في مختلف مجالات التعاون، أزيد من ألف اتفاقية مع البلدان الإفريقية ، مقدما بذلك تجربته ومتقاسما معارفه مع هذه البلدان، من أجل تجسيد طموحات نموذج جديد للتعاون جنوب – جنوب يعود بالنفع المتبادل، ينخرط فيه القطاعان العام والخاص ، و تعاون ثلاثي مع الشركاء ببلدان الشمال.
وأضاف ان تنفيذ هذا النموذج تجسد من خلال حضور قوي للمقاولات المغربية بافريقيا، مما جعل من المغرب ثاني مستثمر إفريقي بالقارة والأول بمنطقة غرب إفريقيا.
وأشار إلى أن الزيارات الملكية مكنت أيضا من وضع مشاريع استراتيجية ضخمة، من ضمنها مشروع أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا، الذي ستستفيد منه كافة بلدان غرب افريقيا، وسيساهم في هيكلة سوق إقليمية للكهرباء، ويشكل بالتالي مصدرا ملموسا للطاقة في خدمة التنمية الصناعية، وتحسين التنافسية الاقتصادية، وتسريع التنمية الاجتماعية.
وأوضح أن الأمر يتعلق ب”إرادة تواكب أهداف أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي من أجل إفريقيا مندمجة، ومزدهرة ، تنعم بالسلم، وتمثل قوة على الساحة الدولية، والتي تقع علينا مسؤولية جعلها آلية مفضلة لعملنا التضامني الجماعي والمتشاور بشأنه”.
وأضاف الوزير في هذا الاطار أن رؤية التكامل الإقليمي هذه، تعززت أيضا بانضمام المغرب لمنطقة التبادل الحر القارية، التي ستتيح فتح سوق من 1،2 مليار مستهلك ، وتنمية التجارية بين البلدان الإفريقية .
وأكد أن المغرب باعتباره شريكا ملتزما من أجل السلم والأمن بإفريقيا، والذي احتضن في ماي 2022 أشغال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد داعش، يقدم مساهمته في جهود المجموعة الدولية من أجل إرساء واستتباب السلم والاستقرار، مشيرا إلى أن المملكة تواصل وضع رهن إشارة البلدان الإفريقية الشقيقة والصديقة، الراغبة في ذلك ، تجربتها وكافة وسائلها من أجل مساعدتها على إرساء والحفاظ على الأمن والسلم في بلدانها.
كما أشار بوريطة إلى أن الأمن الغذائي هو أيضا أحد التحديات الأمنية الرئيسية، وركيزة أساسية لتسريع تأهيل رأس المال البشري والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا.
ولاحظ أنه “بالإضافة إلى مناخ عدم الاستقرار وانعدام الأمن السائد في العديد من مناطق القارة، فإن الأوبئة وغزو الجراد وعدم استقرار أسواق الغذاء الدولية والتغيرات المناخية، ولا سيما الجفاف، تؤدي إلى تفاقم ظاهرة انعدام الأمن الغذائي على مستوى القارة“.
وأوضح أنه وفقا لهذا المنظور أطلق جلالة الملك، بمناسبة مؤتمر (كوب 22) مبادرة تكيف الزراعة في إفريقيا مع التغيرات المناخية (تريبل أ)، والتي تستهدف تعزيز الأمن الغذائي في أفريقيا والتوعية بتحديات الزراعة في المفاوضات الدولية، مشيرا إلى أن إطلاق جلالة الملك لمشاريع واسعة النطاق لإنتاج الأسمدة في عدة دول أفريقية يشهد على الرؤية التضامنية للمملكة للمساهمة في الأمن الغذائي في إفريقيا.
من جانبه، أكد سفير المغرب في جنوب إفريقيا، يوسف العمراني، أن إفريقيا مطالبة اليوم بإحداث تغيير في البراديغمات من أجل تحقيق تنمية سوسيو-اقتصادية أكثر عدالة وإنصافا بإفريقيا.
وقال العمراني إن “عملنا المشترك مدعو باستمرار إلى التركيز على بلوغ مزيد من العدالة الاجتماعية والديمقراطية والتنمية البشرية لتحقيق مستوى كاف من الاستقرار لصالح قارة أكثر ازدهارا وجرأة “.
واعتبر العمراني أن “آفاق الإقلاع الأفريقي رهينة ببلورة نظام تكامل إقليمي حقيقي ، لا يدعم التكامل الاقتصادي فحسب، وإنما يدعم أيضا الإرادات السياسية المتقاربة التي يتم الانخراط فيها في تناغم تام لما فيه مصلحة القارة، وذلك بعيدا عن أن رؤى سياسوية أو إيديولوجية قاصرة”.
وأضاف الدبلوماسي المغربي أن إفريقيا قوة سياسية ذات معدلات نمو معززة ووقائع اجتماعية واقتصادية متنوعة وطموحات أكيدة، مبرزا أن “التكامل على المستوى القاري يتوزع بين نماذج متقدمة نسبيا وفعالة، ونماذج أخرى ذات أداءات متواضعة نسبيا”.

Related posts

Top