المنتديات المفتوحة

منتديات النقاش العمومي التي  ينظمها حزب التقدم والاشتراكية هذه الأيام، في إطار الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمره الوطني التاسع، تمكن ليس فقط من إشراك فعاليات من خارج الحزب في مناقشة أطروحاته وتحليلاته للقضايا الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالتالي هي تجعل التحضير للمؤتمر الوطني عملا مجتمعيا عاما يتجاوز الأعضاء في التنظيم الحزبي، وإنما هي»أي المنتديات» تؤسس للحظات حوار عميق ورصين بين أصوات تتقارب أو تتباعد فيما بينها في التحليل والموقف، وبالتالي هي تمكن الجمهور والمتابعين من معرفة سياسية متنوعة الرؤى وزوايا النظر، ما يجعل مناسبة المؤتمر الوطني هي نفسها فرصة لتفعيل حوار سياسي وازن وجدي في البلاد حول القضايا الوطنية الكبرى التي تهم شعبنا ومستقبل مجتمعنا.
في المنتديات التي أقيمت لحد الآن ناقش الحزب مشاريع وثائقه الموجهة للمؤتمرين، كما تدارس مع حساسيات سياسية وفكرية متنوعة تصوراته واجتهاداته للتحولات التي يشهدها المحيط العربي الإقليمي، وما يفرزه الحراك الشعبي من أسئلة وانشغالات وإشكالات، وفي كل هذا لم يكن السؤال التنظيمي حاضرا بضغوطه المتداولة ضمن تجربتنا الحزبية المعروفة، ولم تكن الغاية افتعال توترات أو مشاكسات أو مزايدات، وإنما كان واضحا وعي الحزب بكامل مكوناته بأهمية إنجاح هذا الحوار الرصين مع مختلف الفعاليات الوطنية والديمقراطية والأكاديمية والإعلامية، وجعل التحضير للمؤتمر مناسبة لكي تستعيد السياسة جديتها ومصداقيتها، ولكي يتم بناؤها أولا على المعرفة والأفكار والتصورات.
وفي السياق نفسه، فإن النقاش الذي بادر إليه التقدم والاشتراكية مع محيطه السياسي والثقافي والمجتمعي، وشجاعة وضع الذات الحزبية بين يدي محللين وفاعلين من خارج التنظيم لتشريحها، ولقراءة المشاريع التحليلية والبرنامجية، وإبداء الاتفاق أو الاختلاف معها، وفضلا على أنه تقليد دأب الحزب عليه بمناسبة مختلف مؤتمراته السابقة، فهو أيضا يؤكد على جرأة يجب تثمينها من لدن الجميع، وأيضا دعوة الآخرين إلى الاقتداء بها، من أجل تمتين انفتاح أحزابنا الجدية على المجتمع، وبالتالي نقل السياسة من  أرذل الكلام المنتشر هذه الأيام إلى أعلى درجات… «المعقول»، ما سيساهم في تقوية جاذبيتها، وأيضا جاذبية الأحزاب.
المؤسف أن بعض المتابعات الصحفية العامرة بالخفة وسطحية النظر والفهم لا ترى كل ما سلف، ولا تقدر أهميته، ولا تجتهد حتى في إجراء بعض المقارنات الضرورية في مثل هذه الحالات، وإنما يقودها عقلها أو لاعقلها إلى اعتبار  مساهمة مناضلين أو متعاطفين بمبلغ مالي بسيط مقابل الحصول على أدبيات الحزب بمثابة فضيحة عظمى، أو كما لو أن في الأمر جريمة، والحال أن هذا يمكن أن يحسب لصالح الحزب وليس ضده، كما أنه تقليد قديم جدا في حزب يعتبر أداء الاشتراك الشهري من ضمن شروط العضوية فيه، وفي حزب يعلن جهارا أن أنشطته وكافة مبادراته تمول أساسا من مساهمات مناضلاته ومناضليه، وأيضا من جهدهم وتضحياتهم.
لقد أصر حزب التقدم والاشتراكية على فتح نقاش عمومي حر مع الجميع حول مشاريع وثائقه، وهو بصدد ربح الرهان اليوم، والنجاح في هذه المبادرة الشجاعة، ولهذا، فمن المصلحة العامة تشجيع كل الهيئات الجدية وذات المصداقية على السير في هذا الاتجاه، وبالتالي تفادي التقاط الثانوي والتافه من الأشياء من أجل تضخيمه، قصد تحريف الكلام عن مواضعه وسياقاته.
المبادرات الحزبية تحتاج أيضا للمتابعة الخارجية النبيهة والجدية بغاية التثمين والنقد والتحليل، لكن بجدية ورصانة كبيرتين.
[email protected]

Top