بطولة نظيفة

مع اقتراب نهاية منافسات البطولة الوطنية بمختلف أقسامها، بدأنا نشم رائحة البيع والشراء في بعض المباريات، خاصة الفرق المهددة بالنزول والتي تحاول أن تسلك طرقا غير سليمة للحفاظ على مكانتها ضمن القسم التي توجد به.

وأمام الجدل القائم حاليا حول بعض التلاعبات في مباريات معينة، نجد الأجهزة المسيرة لكرة القدم ببلادنا تلتزم الصمت دون أن تبدي رأيها في الموضوع وكأن هذه البطولة لاتعنيها في شيء، وأنها تنتظر نهاية مختلف المنافسات لتستريح من صداع الرأس، خاصة أن العطلة الصيفية على الأبواب.

فهناك العديد من مسؤولي بعض الأندية الذين اعتادوا القيام بأدوار الوساطة في بيع وشراء ذمم اللاعبين والمدربين، والشأن الرياضي يعرفهم ويرصد تحركاتهم، لكن الجامعة لاتقترب منهم ولا تريد محاسبتهم، بالرغم من وجود قرائن وأدلة في العديد من المباريات التي كشفت عن تورط مسؤولين في التلاعب بالنتائج.

وهذا ليس جديدا على البطولة الوطنية بمختلف مشاربها، حيث اعتاد المتتبع الرياضي أن عملية البيع والشراء أصبحت ظاهرة مرتبطة بشؤون كرة القدم مادام أن نفس العقليات هي التي تتحكم في مقاليد تسيير العديد من الأندية، على اعتبار أن بعض الأسماء ظلت تحافظ على مكانتها ضمن الهرم القيادي لردح من الزمن، وبالتالي ظلت وفية لهوياتها القديمة كلما شارفت البطولة على نهايتها دون أن تتلقى ولو عتابا من الجهاز المسؤول عن تسيير هذه اللعبة، مما جعلها تتمادى في أساليبها هذه التي أضرت بمصالح فرق أخرى.

حقيقة ان الجامعة الحالية فتحت العديد من الأوراش التي في حال تطبيقها على الأرض الواقع أنها ستشكل قفزة نوعية في مجال تطوير كرة القدم، خصوصا في ما يخص القوانين المتعلقة باللاعبين والمدربين والتكوين والبنيات التحتية، لكنها تبقى مقصرة على مستوى الجانب الأخلاقي لهذه الرياضة، ذلك أن العديد من الجهات المسؤولة قد انتقدت الجامعة حول التزامها الصمت بالنسبة لقضية الغش في المباريات، مطالبة إياها بفتح تحقيق نزيه في ما يخض بعض المباريات التي أثيرت حول نتائجها الشكوك، مما يفسد البطولة ويجعلها تفتقد إلى المصداقية.

فالجامعة ملزمة بتعيين مراقبين لتتبع المباريات كما هو الشأن للحكام، لأن ما وقع في بعض الملاعب من شأن أن يثير حفيظة الرأي العام الرياضي، خاصة وأن المنافسات دخلت مراحلها الأخيرة.

فإذا كانت الأساليب المختلفة في عملية البيع والشراء غير ظاهرة للعيان في الكثير من اللقاءات، فإنها بالمقابل تقام في أماكن بعيدة عن كل الشبهات، نذكر منها الضيعات الفلاحية ومنازل بعض الرؤساء، حيث تتم العملية إما عن طريق شيكات أو مبالغ نقدية أو عن طريق هدايا.

ويمكن القول أن هذه العملية ليست وليدة اليوم، بل أنها متوارتة عبر التاريخ ، باعتبار أنه لاتمر سنة بدون أن نسمع بان البطولة بمختلف أقسامها أنه نظيفة، ولا تحتمل الشك في بعض نتائجها.

فالثلث الأخير من البطولة الحالية أفرز العديد من النتائج الغريبة حتى أطلق عليها البعض بأنها بطولة مجنونة، خاصة وأنهها أدخلت الشكوك إلى النفوس وأربكت تخمينات هواة المراهنات (كوطي فوت)، وبعثرت خطط المدربين الذي أصابهم الدوار وباتوا يتساءلون عن مكمن الخلل.

وفي غياب عقوبات زجرية من طرف المسؤولين عن الجامعة، تبقى عملية البيع والشراء إحدى النقط السوداء التي تفسد المنظومة الكروية، وبالتالي تحدث اختلالا داخل الشأن الرياضي الذي يصبو للإنتقال على العصبة الإحترافية بعقليات وأفكار جديدة لاغش فيها ولا شية.

Top