تصريحات جزائرية شاردة

الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى يصر على الشرود وعلى عقم الكلام، ويصرح أن «فتح الحدود  البرية بين الجزائر والمغرب ليس على جدول الأعمال»، ولم يتردد في اتهام المغرب بالسعي إلى توريط بلاده في الأزمة الليبية، واصفا ذلك بالقول: «إن مثل هذه الأشياء ليست عاملا مساعدا لفتح الحدود».
وللتذكير، فإن صحيفة جزائرية معروفة بقربها من مراكز القرار، كانت هي الأخرى قد أوردت أن المخابرات المغربية هي من تجند مرتزقة من داخل الجزائر وترسلهم إلى ليبيا للتجنيد في صفوف كتائب القذافي.
في الحقيقة بقدر ما تثير هذه التخريجة الجزائرية الجديدة السخرية والشفقة، فإنها تدل على أن الحكم الجزائري يبحث عن أي سبب، حتى ولو كان كاذبا أو من صنع الخيال، من أجل مواصلة رفض فتح الحدود البرية بين البلدين والشعبين الجارين.
جميع العقلاء كانوا يتمنون أن تدرك المؤسسة العسكرية الجزائرية حجم التحديات المطروحة اليوم على المنطقة وعلى العالم، وتستحضر ما يجري من تحولات عربيا ومغاربيا، كي تنهج طريقا أخرى تقوم على الوحدة المغاربية، وعلى حسن الإنصات لنبض ومطالب الشعوب، لكن ها هو الوزير الأول أويحيى يخرج فجأة ليكشف عن الموقف الحقيقي للحكام الفعليين في الجزائر، ويجعلنا نقتنع أننا أمام نظام شارد حقا لا يرى ولا يسمع ولا يدرك السياق.
فعندما نسمع لأويحيى يتهم المغرب بالسعي لتوريط الجزائر في الأزمة الليبية، نقول، كما كل المغاربة،  «الله يلعن اللي ما يحشم»، حيث أن الثوار الليبيين ومجلسهم الوطني الانتقالي هم من صرحوا بذلك وعلى رؤوس الأشهاد وليس المغرب، وهم أيضا من أسروا مرتزقة من الجزائر، كما أن عددا من مسؤولي حلف الناتو وديبلوماسسين أمريكيين سبق أن صرحوا بالشيء ذاته، فضلا على أن الوكالة الرسمية الليبية للأنباء سبق أن أخبرت باتصال هاتفي بين عقيد الجماهيرية وعبد العزيز المراكشي، وكان حينها الوحيد الذي تمكن من الحديث مع الديكتاتور والتعبير له عن التأييد ضدا على الشعب الليبي وثورته.
اليوم إذا كان النظام الجزائري يحس بأنه أخطأ التقدير في الموقف من الأزمة الليبية ومن دعم القذافي ضد شعبه، فإن أسياد أويحيى ما عليهم سوى الاعتراف بذلك أمام شعبهم والعالم وتقديم الاعتذار للشعب الليبي، بدل هذا الابتذال في الكلام والهروب إلى الأمام.
إن التصريحات الجزائرية الأخيرة لا تبعث حقيقة على التفاؤل، لكن المغرب سيبقى ثابتا على مواقفه إن بشأن تطبيع العلاقات مع الجزائر وتقوية التعاون الثنائي والاندماج المغاربي، أو بشأن تحقيق المزيد من الديمقراطية والحداثة داخليا، وتوطيد الاستقرار ودولة القانون وكسب رهانات التنمية والتقدم.
[email protected]

Top