محمد نبيل بنعبد الله: الحكومة تمادت في الادعاء بتحقيق كل انتظارات المغاربة وشعار الدولة الاجتماعية الذي ترفعه زائف

وجه حزب التقدم والاشتراكية انتقادات لاذعة للحكومة ولحصيلتها المرحلية التي قدمها رئيسها أمام البرلمان قبل أيام قليلة، والتي وصفها الحزب بالضعيفة والهزيلة في عمقها.
وأكد حزب التقدم والاشتراكية، في رسالته للحكومة، أن حصيلتها المرحلية لمنتصف الولاية ضعيفة ولا ترقى إلى المستويات المطلوبة، كما لا تعبر عن البرنامج والوعود التي قدمتها الحكومة وأغلبيتها في انتخابات 2021.
ولفت حزب “الكتاب”، في ندوة صحفية، قدم فيها الرسالة المفتوحة الموجهة لرئيس الحكومة، أول أمس الثلاثاء بالرباط، إلى الكثير من النقائص التي قال إنها تطبع عمل الحكومة وتطبع حصيلتها لمنتصف الولاية.
في هذا السياق، قال محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن الحكومة تمادت، بإصرار واستعلاء، أثناء مناقشة هذه الحصيلة، في الادعاء بتحقيق كل انتظارات المغاربة، وفي اعتماد خطاب مفرط في التعبير عن الارتياح والرضى عن الذات.
وأضاف بنعبد الله أن خطاب الحكومة في تقديم حصيلتها لمنتصف الولاية غابت عنه، الموضوعية، وافتقد إلى التواضع والنقد الذاتي، منبها إلى كون هذا الخطاب ينطوي على خطورة مؤكدة، لأنه يفتقد إلى الاتزان المطلوب، ويتسم بالانفصام عن الواقع، ولا يراعي هموم وآلام معظم الناس، بل لا يؤدي سوى إلى استفزازهم بتضخيم منجزات لا يلمسون أثرها على حياتهم.
وزاد بنعبد الله أن خطاب الحكومة يتنافى مع حالة الاختناق التي تعيشها المقاولات الوطنية الصغرى والمتوسطة ويتناقض وينزعج ويشكك عمليا في مقاصد ومصداقية التقارير والمعطيات المقلقة، اقتصاديا واجتماعيا، التي تدلي بها مؤسسات وطنية رسمية.
ولفت بنعبد الله إلى أن الحكومة تعمدت تغييب النموذج التنموي الجديد الذي يعد مرجعا أساسيا لبرنامجها، حيث لم تقم الحكومة بالإشارة إليه ضمن الحصيلة المرحلية، مشيرا إلى أن حقيقة هذه الحكومة هي دفاعها عن اختيارات وتوجهات ليبرالية صرفة تخجل من الإفصاح الصريح عنها، وتعمد إلى تغليفها بشعار “الدولة الاجتماعية” الذي قال إنه مجرد قناع وشعار زائف ترفعه هذه الحكومة للتغطية على هذه الاختيارات.
إلى ذلك، نبه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية التجاهل الخطير من الحكومة لواقع المشهد السياسي والديمقراطي والحقوقي، لافتا إلى أن تجاهلها البعد الأساسي والمصيري يعني أنها تعتبر نفسها غير معنية لا ببلورة الدستور، ولا بتوطيد الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، ولا بقضايا المساواة، ولا بالنهوض الفعلي باللغة الأمازيغية، ولا بمصالحة المواطنين، وخاصة الشباب، مع الشأن العام، ولا بمعالجة أعطاب الفضاء السياسي، ولا بالتصدي للتراجعات المسجلة في الحقل السياسي والحقوقي.

وتوقف بنعبد الله عند غياب أي منجزات للحكومة على المستوى السياسي والديمقراطي والحقوقي، بالإضافة إلى عجز الحكومة الحالية عن اتخاذ أي خطوة لاستعادة ثقة المغاربة في المؤسسات المنتخبة، “بل أسهمت في مزيد من تردي مكانة وصورة الأحزاب السياسية. وتجرأت على المساس بمبدأ استقلالية الصحافة، ولم تحرك ساكنا أمام أي تراجع أو مساس بحرية التعبير”، يقول المتحدث.
وأشار المسؤول السياسي الأول بحزب التقدم والاشتراكية إلى أن النقاش العمومي مع الحكومة الحالية انحسر بشكل مطلق، مع تجاهلها لإصلاح الفضاء السياس والديمقراطي الذي سيمكن من حماية الانتخابات والمؤسسات المنتخبة من الفساد والمفسدين ومن الاستعمال الفاحش وغير القانوني للمال، وخفض معدلات العزوف.. حيث أردف في هذا الصدد “ربما لأنها حكومة لا ترى مصلحة في هذا الإصلاح، وتراهن على اجتياز امتحان انتخابات 2026 بالوصفة نفسها لسنة 2021″، وفق تعبيره.
وبعد إشاراته إلى كثيرمن الأعطاب والنقائص في حصيلة الحكومة وعلى رأسها التفاقم الخطير للبطالة وخاصة في أوساط الشباب، ذكر بنعبد الله بوعود الحكومة بإحداث مليون منصب شغل في خلال خمس سنوات، موضحا أن الحكومة فشلت في ذلك، ولها حصيلة صادمة بهذا الخصوص والتي تكمن ارتفاع معدل البطالقة وفقدان مناصب الشغل بشكل مهول.
وبحسب محمد بنعبد الله فالحكومة الحالية فشلت أيضا في الأهداف الاقتصادية وفي تحسين مناخ الأعمال، عكس ما قدمته من التزامات في برنامجها، حيث تضرر الاقتصاد وأفلست عدد من المقاولات الوطنية، قدر عددها بما يزيد عن 27 ألف مقاولة صغرى ومتوسطة، دون احتساب عشرات آلاف المقاولات الأخرى التي ما تزال تختنق في صمت، وفق المتحدث.
كما لفت المتحدث إلى عجز الحكومة عن مواجهة غلاء الأسعار وعن إيقاف تدهور مستوى معيشة الأسر المغربية، في معاكسة للالتزامات التي قدمتها الحكومة في برنامجها، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة التزمت بمواجهة الظرفية المتسمة بغلاء غير مسبوق لكل أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات، والتزمت بدعم القدرة الشرائية للأسر المغربية، وتوسيع دائرة الطبقة المتوسطة، لكنها فشلت في ذلك، مستدلا على ذلك بالأرثام الرسمية التي تكشف أن 3.2 مليون مواطنا انزلقوا نحو دائرة الفقر والهشاشة.
وزاد بنعبد الله أن الحكومة فشلت في محاربة التضخم وفي ضبط الأسعار، بل وساهمت في رفعها كما وقع مؤخرا مع رفع أسعار الغاز والزيادة في قنينة الغاز بـ 10 دراهم بدون أي إجراء مصاحب لتخفيف وطأة هذه الزيادة على المواطنات والمواطنين,
وعن الدعم الموجهة للفئات الهشة، كشف بنعبد الله عن زيف ادعاءات الحكومة وأرقامها، التي قال إنها تلجأ إلى مكاتب دراسات لتنجزها، بعدما أزعجتها الأرقام التي تقدمها مؤسسات عمومية رسمية تتابع الوضعية الاقتصادية والاجتماعية.
وقال بنعبد الله، في هذا الصدد، إن الحكومة تلتف حول هذا الورش، بحرمان ملايين المستضعفين من هذا الدعم، من خلال إعمال معايير وعتبة إقصائية، فقط لخفض الكلفة. بالإضافة إلى كونها أوقفت صرف هذا الدعم عن عدد من الأسر شهورا قليلة بعد انطلاق الورش.
كما ذكر المتحدث بأن الحكومة سبق وأن ألغت برامج اجتماعية سابقة (تيسير، دعم الأرامل، مليون محفظة، التماسك الاجتماعي…)، لتقدم الدعم المباشر، قبل أن تلتف حوله وتتعسف على الأسر المستضعفة والمحتاجين، مشيرا إلى أن ما تقدمه الحكومة من دعم مباشر لا يرقى إلى مستوى ما وعدت به من مدخول للكرامة بالنسبة للمسنين، الوارد في البرنامج الحكومي.
إلى ذلك، وعن سياق نزول هذه الرسالة، كان الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية قد أوضح أن اعتماد هذه الصيغة يندرج، بشكل طبيعي، في صميم الممارسة الديمقراطية السوية، كشكل من أشكال النقد الشفاف والرقابة المؤسساتية والتعبير السياسي التي خولها الدستور للأحزاب السياسية، مشيرا إلى أن هذه الرسالة موجهة للحكومة، وتدخل ضمن الممارسة الديمقراطية والتنبيه والتويجه انطلاقا من قواعد الممارسة السياسية.

< توفيق أمزيان
تصوير: رضوان موسى

Top