رسائل عميقة من أجل الأرض وعروض فنية تعكس جمال البيئة

نزهة بيدوانتألقت الأرض مساء يوم السبت الماضي بساحة السويسي بالرباط خلال الحفل الفني الثقافي الذي أقيم في ختام احتفالات الذكرى الأربعين ليوم الأرض والبيئة، فكانت الكوكب الذي تغنى من أجله فنانون عالميون ومغاربة، بل وتربع اسمه على صفحات خطب العديد من الشخصيات العالمية والمغربية ومسؤولي مدينة الرباط، ذلك المساء، حيث دعوا إلى تبني رؤية جديدة في التنمية تجعل الحفاظ على هذا الكوكب الذي يجمع البشرية جمعاء محور السياسات كلها.


فقد كرس هذا الاحتفال النهج الشعبي الذي أسسته جمعية يوم الأرض منذ نشوئها في أوائل سنوات السبعينات، حيث حضر أعضاء من الحكومة ضمنهم وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن نزهة الصقلي، ووزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة أمينة بنخضراء، وكاتب الدولة المكلف بالماء والبيئة عبد الكبير زاهود ..، ووالي جهة الرباط سلا زمور زعير حسن العمراني ومسؤولون محليون ومنتخبون بمجلس مدينة الرباط إلى جانب جمهور عريض من الشباب والأطفال والنساء والرجال.
وأكدت مفوضة يوم الأرض مريم بنصالح شقرون التي كانت أول من اعتلى المنصة في كلمة افتتحت بها هذا الحفل، “أن يوم الاحتفال يمثل إحدى أقوى لحظات تخليد يوم الأرض، على اعتبار أنه يهدف إلى أن يكون يوما للتأمل وتقاسم التحديات التي تطرحها القضايا البيئية. مذكرة بالأيام الأخرى التي تخللت أسبوع الاحتفالات ممثلة  في “أيام المشاركة” التي انطلقت بافتتاح الفضاء الإيكولوجي من طرف صاحبة السمو الملكي الأميرة للاحسناء رئيسة مؤسسة محمد السادس للبيئة، و”أيام الالتزام” والتي انطلقت يوم الخميس تحت إشراف صاحبا السمو الملكي الأمير مولاي رشيد والأميرة للاحسناء، حيث قدمت خلالها الحكومة مشاريع  تؤكد عبرها الالتزام بالمحافظة على المنظومة البيئية.
وأكدت “على اعتزاز المغرب باحتضان فعاليات هذه الذكرى والتي اختيرت الرباط كمدينة أولى بين خمس عواصم عالمية أخرى لاحتضان فعالياتها، مشيرة إلى التعبئة المتميزة من أجل إحياء هذه الاحتفالات، والتي تمت بمساهمة كافة الفاعلين من مواطنات ومواطنين وهيئات غير حكومية، إلى جانب الحكومة والمنتخبين المحليين وفاعلين من القطاع الخاص”.
وقال فتح الله ولعلو عمدة العاصمة، إن اختيار الرباط لتحتفل بالذكرى الأربعين ليوم الأرض والبيئة جاء بمبادرة من جلالة الملك محمد السادس، والتي تمثلت في زيارة الأميرة للاحسناء رئيسة مؤسسة محمد السادس للبيئة لواشنطن حيث مقر جمعية “يوم الأرض”، التي اختارت انطلاقا من مصداقيتها المعترف بها عالميا الرباط لاحتضان هذه الاحتفالات.
وأضاف أن هذا القرار يعكس مؤهلات الرباط انطلاقا من موقعها الجغرافي الفريد على نهر أبي رقراق والفضاءات الخضراء التي تتوفر عليها .
وأبرز المتحدث أن الاحتفاء بيوم الأرض والذي تزامن مع تحضير المغرب لإقرار ميثاق وطني حول البيئة كتعاقد بين الإنسان المغربي وفضاءاته، يبين على أنه من المهم الالتزام بقضية البيئة واعتبارها قضية مصير. موضحا أن “البيئة والتاريخ والحضارة والثقافة والتنمية المتكافئة والمستدامة والبناء الديمقراطي والانفتاح على قيم التطور والحداثة وحقوق الإنسان، كلها عناصر لمعادلة واحدة تبني لنفس المصير”.
ومن جانبه أشاد  جيرالد طوريس رئيس مجلس شبكة يوم الأرض، بالمغرب لكونه يمثل أحد النماذج الرائدة في إفريقيا والعالم العربي على مستوى التزامه اتجاه البيئة، قائلا إن قيادة الملك محمد السادس والتزام جلالته بإقامة اقتصاد مجدد مبني على منظور بيئي يؤكد الانخراط القوي للمغرب في مجال المحافظة على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
ومن جهتها أكدت وانكاري ماتي التي تعد أول امرأة إفريقية نالت جائزة نوبل للسلم سنة 2004، نظير إسهاماتها لفائدة التنمية المستدامة والديمقراطية والسلام، وإحدى مؤسسات حركة الحزام الأخضر وحزب الخضر بكينيا، والتي ساهمت في إنشاء “سفينة نوح الخضراء” في القطب الشمالي لحماية الفصائل النباتية، أكدت في رسالة أبت إلا أن تشارك بها المغاربة احتفالات يوم الأرض رغم تعذر حضورها نتيجة  أزمة الطيران التي تسبب في حدوثها بركان إسلندا، على الوعي البيئي الجماعي الذي انبثق عبر العالم منذ مؤتمر ستوكهولم في السبعينات، قائلة “لقد أدركنا أننا في حاجة إلى تغيير أنماط حياتنا”، داعية إلى تبني مصادر بديلة للطاقة كالطاقة الشمسية التي توجد في متناول معظم البلدان والوقود البيلوجي، والانتقال إلى اقتصاد بيئي وخوض ثورة صناعية جديدة تنبني على تخفيض الكربون.
أما الرسالة التي وجهتها البطلة المغربية نزهة بيداون خلال فعاليات هذا الحفل، فقد تمحورت حول إبراز التنوع البيولوجي الذي يمتلكه المغرب كمنطقة تنتمي لحوض البحر الأبيض المتوسط، مشيرة إلى مختلف الإجراءات التي تم اتخاذها للمحافظة على البيئة والمتمثلة في ترسانة تشريعية مهمة واستراتيجية وطنية .
الفنانة حياة الإدريسي بدورها خاطبت الجمهور بعد أن أدت إلى جانب  الفنانين أوم وعادل بنشقرون وعائشة تشنويت وحميد القصري وهشام باجو والذين يمثلون مختلف الأنواع والإيقاعات الفنية، أغنية تم تأليفها خصيصا بالمناسبة ، أكدت بدورها على الأهمية التي يكتسيها الحفاظ على البيئة.
هذا وتوالى على المنصة كل من كريستفر ستاين الخبير في مجال التغيرات المناخية والذي شارك في إنجاز دراسات حول الغابات بالمغرب، وأنطونيو هيرمان رئيس المحكمة العليا بالبرازيل الخبير القانوني في مجال البيئة، والذي أكد في تدخله خلال هذا الحفل على أن وضع القوانين لحماية البيئة والتوفر على قضاة أكفاء في المجال يعد أمرا مهما، قائلا “إننا في حاجة إلى قوانين وقضاة أكفاء لضمان السلام الاجتماعي، لكن هذا السلام المنتظر لن يحل ما لم يتم ضمان موارد المياه، وجودة الهواء والحفاظ على التنوع البيولوجي ..” كما ألقى كل من فيلياسيانوس دوس سانتوس عبد اللطيف بن عزي وأمينة رشيد التي تمكنت من التفاعل مع الجمهور بعد أن تخلت عن خطابها المكتوب لتلقي رسالة مرتجلة بتألق للتحسيس بتغيير بعض الممارسات السلبية التي تصدر عن بعض الأشخاص وتضر بالبيئة.
كما قدم النجم العالمي سيل إبداعاته الغنائية، وقدمت فرقة دود نداي روز من السينغال عرضا فنيا يمثل عمق أدغال إفريقيا، هذا فضلا عن الفنان فضل شاكر، ومجموعة هوبا هوبا سبيريت وفناير والفنانة نجاة عتابو، الذين تفاعل معهم الجمهور بشكل كبير، فكان الحفل يشكل بامتياز  تعبيرا عن جو التفاؤل الذي خلفته احتفالات يوم الأرض في المغرب، بكون قضايا البيئة  أصبحت انشغالا يوميا لجميع المغاربة بدون استثناء.

Top