لندن تشترط وقف الحرب في أوكرانيا من أجل رفع العقوبات وموسكو تحذر من نشر المعلومات الكاذبة

أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس السبت أن العقوبات التي فرضتها لندن على روسيا بعد غزوها أوكرانيا قد ترفع إذا وافقت موسكو على وقف كامل لإطلاق النار وسحبت قواتها.
في مقابلة طويلة، قالت تراس إن على الكرملين أن يتعهد أيضا بعدم ارتكاب أي عدوان آخر ضد أوكرانيا حتى يتم رفع العقوبات المفروضة على مئات الشخصيات والكيانات الروسية.
على غرار دول غربية أخرى، فرضت المملكة المتحدة عقوبات على أكثر من ألف فرد وشركة روسية أو بيلاروسية في الأسابيع الأخيرة. وآخر دفعة من العقوبات كانت قبل يومين.
وأوضحت تراس لصحيفة صنداي تلغراف أن “العقوبات لا يمكن رفعها إلا بوقف كامل لإطلاق النار وانسحاب (القوات)، ولكن أيضا مع الالتزام بعدم ارتكاب مزيد من العدوان” ضد أوكرانيا، مشيرة إلى أنه يمكن إعادة فرض هذه العقوبات في حال شن هجوم جديد.
كان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أشار إلى أن العقوبات على روسيا “ليست مصممة لتكون دائمة” وقال إنها يمكن أن تزول إذا غيرت موسكو موقفها.
كما أشارت الوزيرة البريطانية إلى أنها أنشأت وحدة متخصصة في المفاوضات داخل وزارتها لمساعدة أوكرانيا في محادثاتها مع روسيا. لكنها حذرت من أنها لن تكون مفيدة إلا إذا كان “الروس جادين” في استعدادهم للتفاوض.
وتابعت تراس “لا أعتقد أنهم جادون الآن ولهذا قلت إننا في حاجة إلى أن نكون حازمين لتحقيق السلام”. وأكدت أنه من الضروري بالتالي “مضاعفة العقوبات” و”مضاعفة الأسلحة التي نرسلها إلى أوكرانيا”.
من جانبه، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانونا يعاقب بالسجن حتى 15 عاما ناشري “المعلومات الكاذبة” عن أعمال موسكو في الخارج، في إجراء قمعي إضافي للتحكم في المعلومات عن الهجوم الروسي على أوكرانيا.
وينص القانون الذي بات ساريا بعد توقيع بوتين على معاقبة من “ينشر معلومات يعلم بأنها خاطئة بوصفها معلومات صادقة” حول “أنشطة لهيئات الدولة الروسية خارج الأراضي الروسية”.
وتصل العقوبة إلى السجن 15 عاما إذا تبين أن “المعلومات الكاذبة أدت إلى عواقب خطيرة”.ويأتي هذا القانون ليتمم قانونا آخر تم اقراره بداية آذار/مارس وينص على السجن حتى 15 عاما بحق من ينشر “معلومات كاذبة” عن الجيش الروسي.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن مساء السبت قد حذر القوات الروسية من “التقدم إنشا واحدا داخل أراضي حلف شمال الأطلسي”، واصفا النزاع في أوكرانيا بأنه “فشل استراتيجي” لروسيا، خلال خطاب ألقاه في العاصمة البولندية وارسو حيث التقى مسؤولين ولاجئين أوكرانيين.
ووصف مقاومة أوكرانيا في مواجهة القوات الروسية بأنها جزء من “معركة عظيمة من أجل الحرية”، داعيا العالم إلى الاستعداد “لمعركة طويلة”. ولاحقا، أوضح البيت الأبيض أن بايدن لم يدع إلى “تغيير النظام” في روسيا.
وفي وقت سابق، التقى بايدن لاجئين أوكرانيين تستضيفهم بولندا.
وردا على سؤال عن إعلان القيادة الروسية نيتها “تركيز معظم جهودها على الهدف الرئيسي: تحرير دونباس”، قال الرئيس الأميركي إنه “غير متأكد” من أن ذلك يعني تغييرا حقيقيا في استراتيجية الحرب الروسية.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، رد ا على تصريحات بايدن بعد ظهر السبت، لوكالة “تاس” للأنباء “على أي رئيس دولة أن يبقى حذرا”، مضيفا “وطبعا، كل مرة، تضيق الإهانات الشخصية من هذا النوع نطاق علاقاتنا الثنائية مع الإدارة الأميركية الحالية”.
وشارك بايدن في لقاء مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا ووزير الدفاع الأوكراني أوليسكي ريزنيكوف ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن.
وأكد وزير الدفاع الروسي السبت أن روسيا لا تخطط لاستدعاء جنود احتياط للقتال في أوكرانيا، مستنكرا “الدعوات المزيفة” التي يتلقاها الروس وتنسب الدولة مصدرها إلى الاستخبارات الأوكرانية.
من جانبه، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السبت روسيا بتأجيج سباق تسلح خطير بتلويحها باستخدام السلاح النووي، خلال مداخلة عبر الفيديو أمام مؤتمر سياسي في الدوحة.
وطالب الرئيس الأوكراني قطر بزيادة إنتاج مواردها من الطاقة، خصوصا الغاز، لتعويض إمدادات الطاقة الروسية والتصدي للتهديدات الروسية باستخدام الطاقة “لابتزاز العالم”.
ودعا زيلينسكي في أحدث فيديو له مساء السبت إلى تزويد بلاده مزيدا من الأسلحة.
وقال “نحن في حاجة إلى مزيد من التسلح. يجب ألا نحمي أوكرانيا فحسب، بل يجب أن نحمي دول أوروبا الشرقية الأخرى أيض ا المهددة بغزو روسي. لقد أوضحنا ذلك خلال محادثاتنا مع نظرائنا الأميركيين في بولندا”.
وسأل “ماذا يفعل حلف شمال الأطلسي؟ هل تقوده روسيا؟ ماذا ينتظرون؟”.
وأعلن وزير الخارجية الأوكراني في تصريح مكتوب لوكالة فرانس برس السبت أن الولايات المتحدة أكدت لكييف انها “لا تعارض” تسليمها مقاتلات بولندية.
وكتب دميترو كوليبا الذي التقى بايدن خلال زيارته بولندا أن “الولايات المتحدة أكدت لنا أنها لا تعارض نقل الطائرات”، مضيفا أن “الكرة الآن في ملعب بولندا”.
وقال يوري فوميشيف رئيس بلدية سلافوتيتش لوكالة فرانس برس عبر الهاتف بعد أن أعلن مسؤولون في العاصمة الأوكرانية كييف سابقا أنه تم اعتقاله “لقد اطلق سراحي. كل شيء على ما يرام بقدر الإمكان تحت الاحتلال”.
تزامنا استعادت القوات الأوكرانية السيطرة على مدينة تروستيانيتس في شمال شرق البلاد حيث كانت المواجهة مع القوات الروسية محتدمة، حسبما أك دت وزارة الدفاع الأوكرانية السبت.
وقال بايدن لنظيره البولندي أندري دودا خلال زيارة إلى وارسو السبت إن الولايات المتحدة تعتبر البند الخامس من معاهدة حلف شمال الأطلسي الخاصة بالدفاع المشترك “واجب ا مقدس ا”.
وقال بايدن لدودا “يمكنكم الاعتماد على ذلك… من أجل حر يتكم وحر يتنا”، فيما قال الرئيس البولندي إن مواطنيه يشعرون “بتهديد كبير” من جراء النزاع الدائر في أوكرانيا.
وأمام لاجئين أوكرانيين في وارسو، وصف بايدن نظيره الروسي بوتين بأنه “جزار، نظرا إلى ما يفعله بهؤلاء الناس”.
توازيا، أعلن حاكم منطقة لفيف في غرب أوكرانيا أن المنطقة ق صفت مر تين من جانب القوات الروسية، ما أسفر عن إصابة خمسة على الأقل بجروح بعد ظهر السبت. ورأى مراسلو وكالة فرانس برس دخان ا أسود وألسنة نار تتصاعد فوق حي سكني في لفيف.
كانت رئاسة أركان الجيش الأوكراني اكدت فجر السبت “إلحاق خسائر جسيمة بالمحتل الروسي” في منطقة دونيتسك ولوغانسك، أكبر مدينتين في دونباس حيث أعلنت موسكو تركيز هجومها من الآن فصاعدا. وأعلنت القيادة العسكرية الأوكرانية إسقاط ثلاث طائرات وتدمير ثماني دبابات ومقتل حوالى 170 جنديا من الجانب الروسي.
من جهتها أفادت وزارة الدفاع الروسية عن معركة للسيطرة على قريتي نوفوباخموتيفكا ونوفوميخايليفكا قرب دونيتسك.
كما ذكرت الوزارة أن صواريخ من طراز كاليبر دمرت مستودع اسلحة وذخائر في منطقة جيتومير قرب قرية فيليكي كوروفينتسي إلى غرب كييف في 25 آذار/مارس، كما أصيب مستودع وقود قرب مدينة ميكولاييف (جنوب) بحسب المصدر ذاته.
وينبغي مقاربة هذه الأرقام بحذر في ظل حرب المعلومات الشديدة الجارية بين الطرفين، وسط صعوبات كبرى في التثبت مما يجري على الأرض من مصدر مستقل، بعد أكثر من شهر على بدء الغزو الروسي.
ويخيم غموض على مصير الجنرالات الروس الذين قتلوا في أوكرانيا وعددهم سبعة بحسب كييف، وآخرهم الجنرال ياكوف ريزانتسيف وفق مسؤولين غربيين طلبوا عدم كشف اسمائهم، فيما أقرت موسكو بمقتل جنرال واحد.
كما ذكرت المصادر أن جنرالا آخر هو فلاديسلاف يرشوف أقيل من مهامه بقرار من الكرملين بسبب الخسائر الفادحة في صفوف القوات الروسية، في وقت تحدثت وسائل إعلام أوكرانية عن “حملة تطهير” على ارتباط بالخسائر الروسية. لكن هذه المسألة أيضا تبقى غامضة.
في هذا السياق، ظهر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو للمرة الأولى منذ أسبوعين، في مشاهد تم بثها السبت في روسيا، بعدما أثار غيابه تساؤلات عمل الكرملين على تبديدها. كما نفت موسكو تكهنات حول وضعه الصحي.
واعلنت وزارة الدفاع السبت أن المعلومات عن “تعرض سيرغي شويغو لنوبة قلبية اضطرته الى عدم الظهور علن ا، خاطئة تماما”.
وخارج منطقة دونباس، يتواصل الهجوم الروسي في محيط كييف حيث أعلن رئيس البلدية حظر تجول يوميا من الثامنة مساء (18,00 ت غ) حتى السابعة صباح ا ( 05,00 ت غ)، أعلنت رئاسة الأركان الأوكرانية أن المعارك متواصلة “لصد هجوم العدو”، مشيرة إلى أن خط الجبهة لم يتحرك.
وتؤكد قوات كييف مواصلة هجومها المضاد على خيرسون بجنوب البلاد، المدينة الكبرى الوحيدة التي احتلتها القوات الروسية بالكامل.
في خاركيف، ثاني أبرز مدينة في أوكرانيا، يبدو أن السكان استسلموا للقصف المتواصل.
وقالت آن ا كولينيشينكو “أنا من خاركيف، وليس لدي أي مكان آخر أذهب إليه. لذا، ما الفائدة من المغادرة؟”.
وأضافت “إذا سقطت قنبلة، سنموت على كل حال”.
وعلى مسافة 120 كيلومتر ا شمال شرق كييف، حاصرت القوات الروسية مدينة تشيرنيغيف فيما أصبح إجلاء المدنيين والجرحى مستحيل ا، حسبما أعلن رئيس بلديتها فلاديسلاف أتروتشينكو.
وعلى تطبيق إنستغرام أعلنت الإدارة العسكرية لمنطقة كييف التي تدخل المدينة ضمن نطاقها أن “قوات الاحتلال الروسية غزت سلافوتيتش واحتلت المستشفى البلدي”.
وأعلنت المسؤولة عن شؤون حقوق الإنسان لدى البرلمان الأوكراني ليودميلا دينيسوفا عن منع عبور قافلة إنسانية من مدينة ماريوبول المحاصرة وعلى متنها سيارات إسعاف تحمل أطفالا جرحى، عند نقطة تفتيش روسية، ما أد ى إلى زحمة على طول كيلومترات عدة.
وقتل أكثر من ألفي مدني بحسب بلدية المدينة الساحلية الاستراتيجية الواقعة على بحر آزوف. وقال زيلينسكي إن حوالى مئة ألف من سكان المدينة ما زالوا محاصرين فيها وسط انقطاع كل احتياجاتهم.

Related posts

Top