ما تحقق خلال 25 سنة من عهد الملك محمد السادس

خلال الخمس وعشرين سنة من عهد جلالة الملك محمد السادس، تحققت الكثير من المنجزات التي أهلت المغرب ليتبوأ مكانة متميزة، وسنقتصر الحديث هنا، بشكل مركز، عن بعض المجالات لكون المجال لا يسمح بالتطرق لكافة ما تحقق خلال هذه الفترة.
في مجال حقوق الإنسان:

لقد تم الطي النهائي لملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان عبر مسلسل هيئة الإنصاف والمصالحة، وتحولت التجربة المغربية على هذا المستوى إلى ممارسة فضلى تعترف بها الأمم المتحدة معتبرة إياها من بين أنجح التجارب، وتكريسا للتحول على هذا المستوى أصبح المغرب طرفا في الكثير من الاتفاقيات التي تشكل النواة الصلبة لاتفاقيات حقوق الإنسان، وأصبحت تقاريره الدورية تحظى بتتبع واسع وتخضع في إعدادها للالتقائية مما يسهل عملية إعمال التوصيات وتقييمها، ولعل ذلك كان من بين الأمور التي ساهمت في تحول نوعي على مستوى النص الدستوري حيث تم تخصيص باب قاًئم الذات لحقوق الإنسان.

في مجال البناء المؤسساتي:

خص المغرب نفسه بدستور جديد، جسد إلى حد بعيد التحولات الكبرى التي شهدها المغرب، إذ بقدر ما مكن الدستور من مأسسة التحولات التي شهدتها البلاد استطاع تكييفها لجعلها منسجمة مع ما وصل إليه العالم في المجالات ذات الصلة لا على المستوى الحقوقي ولا على مستوى كيفية تدبير الدولة، وكل ذلك دونما أي تعارض أو تصادم مع الخصوصيات المغربية ذات الطبيعة التعددية.

في المجال الاقتصادي:

شهد الاقتصاد في المغرب تطورا خاصا تمثل في التحول الذي شهده الناتج الداخلي الخام، إذ لم تبق عائدات الفوسفات هي المتصدرة، بل برزت صناعة السيارات كمتحول جديد مؤثر على هذا المستوى، ومعنى هذا أن التأثير شمل أيضا التوازنات الماكرو اقتصادية، ولعل العدد المتزايد للمستثمرين المقبلين على المغرب يؤكد أن هناك تطورا ملحوظا شهده الاقتصاد المغربي، بالرغم من أن المغرب بلد غير منتج للطاقة مع ما يستدعي ذلك من تأثير لفاتورة الاستيراد، وإذا كان تأثير أزمة كوفيد على الاقتصاد العالمي قد عانت منه جميع الدول، فإن المغرب بفضل تدبير محكم لذلك قد استطاع تحويل هذه الأزمة إلى منطلق جديد للاقتصاد الوطني.

في المجال الاجتماعي:

لقد عمل محمد السادس منذ اعتلائه العرش، على الاهتمام بمنظومة القيم المغربية وتحويلها إلى فلسفة تحكم العلاقة بين الأفراد والمؤسسات، وتضبط إيقاع الدولة بالمجتمع، ولذلك تم التصدي لمحاربة الفقر، واعتمدت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي شخصت نوعية الفقر بالمغرب، وحددت الفئات التي تعاني من الهشاشة، وتم تنويع البرامج الموجهة لكل فئة بعينها، وساهم ذلك في إحداث دينامية جديدة تتجاوز المدن لتمتد نحو العالم القروي بمختلف تنوعاته، و بعدما تجاوز المغرب أزمة كوفيد، التي كانت أيضا بمثابة تشخيص حقيقي لعمل كافة القطاعات، أطلق الملك محمد السادس مسلسل الحماية الاجتماعية، انسجاما مع ما هو معمول به على مستوى الدول المتقدمة، قصد تمكين المواطن المغربي من خدمات صحية ذات جودة تضمن له الكرامة.

على مستوى البنية التحتية:

لقد أطلقت أوراش كبرى بالبلاد، رامت تعزيز الشبكة الطرقية إذ يمكن للمسافر اليوم أن ينتقل بيسر عبر الطريق السيار، دونما أن يكون مضطرا لولوج المدن الموجودة عبر الطريق، فمسافر من أكادير إلى وجدة يستطيع السفر دونما الحاجة إلى ولوج مراكش أو الدار البيضاء أو فاس، وقد أضيف إلى هذه البنية التحتية القطار السريع البراق الرابط بين محوري طنجة والدار البيضاء، مع ما أصبح يوفره من اقتصاد في الوقت وراحة في السفر و يسر في التنقل بين المدينتين، ناهيك عن المشاريع البنيوية الأخرى التي سترى النور قبل سنة 2030 موعد تنظيم المغرب لكأس العالم إلى جانب إسبانيا والبرتغال.

على المستوى الجيو استراتيجي:

تعتبر المبادرة الأطلسية تحولا نوعيا في تدبير العلاقات الدولية للمغرب، انطلاقا من تشخيص حقيقي لما يمنحه الموقع الجغرافي من فرص تمكن من انطلاقة جديدة نحو شراكات منطقية، يحضر فيها البعد التشاركي مع الدول الإفريقية عبر مشاريع ضخمة ومهيكلة، تعمل على تعدد وتنوع الشركاء.خاصة بعدما جعلت المملكة من الاعتراف بمغربية الصحراء شرطًا أساسيا لحسن العلاقات بالمملكة المغربية.

 عبد العزيز قراقي 

أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس

Top