مدينة الأنوار

الحدث الذي ترأسه جلالة الملك، والذي شهد الإعلان عن البرنامج المندمج للتنمية الحضرية لعاصمة المملكة، الطامح إلى جعل «الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية»، والذي عرف أيضا الإعلان عن مشروع «وصال أبو رقراق» القائم على تثمين الموروث العمراني والمساهمة في الإشعاع الثقافي لمدينتي سلا والرباط، يعتبر بالفعل خطوة عملاقة انتظرتها عدوتا أبي رقراق طويلا.
تنمية الرباط، وأيضا سلا، ترتكز اليوم على بعدهما الثقافي والتاريخي، وتروم الاتفاقيات الموقعة في حضرة جلالة الملك تثمين هذا الجانب وتحويله إلى مخططات وإجراءات وبرامج وسياسات من شأنها الانتقال بالمدينتين، وبالجهة عموما، إلى مرحلة جديدة في نموهما وتقدمهما وإشعاعهما.
كل المراقبين سجلوا أن جودة العيش تراجعت بالعاصمة في السنوات الأخيرة، وكذلك الشأن بالنسبة لسلا، كما أن جهة الرباط سلا زمور زعير ككل لم تنجح في استثمار كامل إمكاناتها الطبيعية والاقتصادية والبشرية، وأيضا كونها تحتضن عاصمة البلاد، لتطور ذاتها كقطب تنموي وعمراني وحضري، ولتحد من كثير اختلالات بقيت تكبلها طيلة عقود.
وعندما تشدد المشاريع الضخمة المعلن عنها الاثنين تحت رئاسة جلالة الملك على أهمية تحسين الولوج للخدمات والتجهيزات الاجتماعية للقرب، وعلى دعم الحكامة الجيدة، فمن الواضح أن الوعي قائم بضرورة جعل الإنسان محور وغاية كل منجز تنموي، ذلك أن تحسين شروط العيش في عدوتي أبي رقراق يعني توفير العيش الكريم والبيئة الجيدة والخدمات الضرورية لفائدة السكان، بالإضافة إلى تمكينهم من فرص التطور والانفتاح.
إن المشاريع المعلن عنها اليوم تجسد تطلع عاصمة البلاد وجهتها لكي تكون مركزا ثقافيا وترفيهيا ذي بعد عالمي، وأيضا كي تقوي جاذبيتها تجاه السياح والزوار، وكذلك من أجل أن تطور العاصمة باستمرار لنفسها آفاقا للامتداد والتطور، ومن أجل المساهمة والفعل في الدينامية التنموية والمجتمعية العامة للمغرب.
من جهة أخرى، لا يمكن القفز على كون هذه المشاريع المعلن عنها اليوم لفائدة الرباط وسلا تحمل جانبا من الإدانة لتقاعس عديد جماعات محلية ساهمت خلال عقود في تراجع المدينتين العريقتين، وفي بروز كثير اختلالات على مستوى تجهيزاتهما الأساسية وقدراتهما التنموية والإشعاعية ومنظومة التدبير الحضري بهما، ولهذا لابد اليوم من الحرص أيضا على إنجاح هذه الإستراتيجية التنموية الجديدة، وذلك عبر تشديد جودة الحكامة، وتكريس النجاعة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وأيضا كي تكون هذه الانطلاقة التنموية الكبرى فرصة لتقوية الديمقراطية المحلية كذلك، وحتى يتملك السكان مدينتهم وينخرطون في مسلسل ربح التحدي التنموي.

Top