هدوء حذر بمدن الشمال والنيابة العامة تحقق في صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي

ما تزال مدن الشمال تعيش على وقع التوتر بعد أحداث 15 شتنبر الجاري، التي عرفت محاولة جماعية لمئات القاصرين والشباب للعبور بشكل غير نظامي إلى سبتة المحتلة عبر اختراق جماعي للحدود البرية والبحرية.
وبعدما كانت السلطات قد تصدت بنجاح للمحاولات المتكررة لولوج سبتة المحتلة عبر المنافذ البحرية والبرية عبر مدينة الفنيدق على مدى يومي 14 و15 شتنبر الجاري، عاد الهدوء الحذر من جديد للمدينة مع صبيحة الاثنين الماضي، فيما ما تزال المنطقة تعيش على وقع إنزال أمني غير مسبوق من أجل تأمين الحدود تحسبا لمحاولات تكرار عملية الهجرة الجماعية.
وعلى إثر العمليات الأمنية التي تمت بين ليلة 14 و15 شتنبر الجاري، كانت السلطات قد أوقفت ما يزيد عن 1000 شاب وقاصر بينهم فتيات، حاولوا العبور نحو إسبانيا سباحة أو عبر اختراق السياج الحديدي الفاصل بين الفنيدق وسبتة المحتلة، حيث أكدت السلطات أنه جرى ترحيل معظمهم نحو مدنهم الأصلية.

حضور أمني وترحيل الموقوفين بعيدا عن الشمال

ووفق مصادر “بيان اليوم” بالفنيدق فإن الحضور الأمني ما يزال لافتا في المدينة، بالإضافة إلى تمشيط محيطها البري عبر الغابات والشواطئ المحلية، وكذا المناطق المجاورة بالمضيق وتطوان ومراقبة المحطات الطرقية، لمنع أي تجمع جديد لاستهداف الحدود بين الفنيدق وسبتة.
وأضافت المصادر ذاتها أن جميع الموقوفين في يوم 15 شتنبر الجاري أي الأحد الماضي، جرى ترحيلهم نحو مدن بعيدة لضمان عدم عودتهم، مشيرة إلى أن البعض من الشباب جرى اعتقالهم على خلفية المشاركة في مواجهات مع الشرطة وعناصر الأمن.
فيما أكدت المصادر أن عددا من العائلات ما تزال تبحث عن أبنائها في المدينة ومحيطها بعدما فقدوهم منذ أحداث الأحد الماضي، إذ لفتت ذات المصادر أن عشرات الأسر تعيش على وقع الترقب بعدما اختفى أبنائها، حيث يجهلون مصيرهم، وما إذا كانوا قد توفقوا في عملية العبور غير النظامي نحو سبتة المحتلة أو غرقى في شواطئ المدينة أو جرى اعتقالهم أو ترحيلهم لمدن أخرى.
وزادت مصادر الجريدة أن العديد من الآباء يواصلون رحلتهم اليومية منذ الأحد الماضي للبحث عن أبنائهم، مبرزة أن هناك عدة حالات لقاصرين وشباب ما يزال مصيرهم مجهولا منذ بداية أحداث 15 شتنبر الجاري.

صور تهز الرأي العام

إلى ذلك، وعلاقة مع الحدث، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا لعشرات الشباب المغاربة عراة وعليهم آثار كدمات وضرب، أمام سيارات تابعة للقوات العمومية، مع تعليق بكونها تعود لموقوفين على إثر عملية الهجرة الجماعية التي تمت مؤخرا.
وعلى إثر ذلك، أمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان بفتح بحث قضائي بخصوص تداول صور بعض الأشخاص بلباس السباحة يجلسون على الأرض وبعضهم الآخر قبالة حائط إسمنتي.
وأعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان أن النيابة العامة أمرت بفتح بحث قضائي في الموضوع للوقوف على مدى صحة هذه الوقائع وخلفيات نشر تلك الصور عهد به للفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
وأوضح بلاغ للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان أنه سيتم ترتيب الآثار القانونية اللازمة على ذلك فور انتهاء الأبحاث مع إشعار الرأي العام بنتائجه.
إلى ذلك، وحسب ما أعلنت عنه مصادر محلية بعمالة المضيق الفنيدق فإن الصور أو المقاطع المصورة التي جرى تداولها مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي والتي توثق لأشخاص نصف عراة يجلسون على الأرض بمحاذاة مركبات للقوات المساعدة أو قبالة حائط إسمنتي، قديمة وتعود لأيام خلت.
وكشفت مصادر محلية بعمالة المضيق الفنيدق أن الصورة أو المقطع المصور الذي يظهر مركبات للقوات المساعدة هي مقاطع مصورة قديمة تعود لعدة أيام خلت، خلال تمكن القوات العمومية من إحباط عملية هجرة غير مشروعة سباحة نحو ثغر سبتة المحتل، حيث تم إنقاذهم وانتشالهم من مياه البحر،وهو ما يفسر ظهور هؤلاء الأشخاص شبه عراة إلا من ملابس السباحة التي كانوا يرتدونها حين تم ضبطهم من قبل القوات العمومية.
هذا، لم تعلق أي جهات رسمية على الحدث الذي ارتبط بمحاولة الهجرة الجماعية، حيث كان بلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان قد أكد أن نتائج التحقيق الذي عهد به إلى النيابة العامة سيتم إشعار الرأي العام بنتائجه.

استدعاء وزير الداخلية إلى البرلمان

في السياق ذاته، وجه فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب طلبا للجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة والشؤون الإدارية قصد عقد اجتماع في أقرب الآجال بحضور وزير الداخلية من أجل مناقشة خلفيات وحيثيات وقائع محاولات الإقدام على هجرة جماعية غير نظامية.
وقال رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية إن الطلب الذي وجهه الفريق يأتي عقب متابعة الرأي العام، من خلال الإعلام الوطني ووسائل التواصل الاجتماعي، محاولات للإقدام على هجرة جماعية مكثفة وغير مشروعة نحو سبتة المحتلة، لمئات القاصرين والشباب إما من خلال السباحة أو عبر محاولات اقتحام “المعبر الحدودي”.
وزاد حموني أن هذه المحاولات جاءت إثر منشورات ومحتويات رقمية محرضة على ذلك، وهو ما سعت السلطات المغربية نحو التعامل معه وفق واجباتها المهنية وبشكل يترجم التزامات المغرب بخصوص الهجرة غير النظامية.
وتابع حموني “وإلى ذلك راجت على مواقع التواصل الاجتماعي صور قد تكون لها علاقة بالموضوع وتجهل لحد الآن حيثياتها وموثوقيتها، لكنها تلحق ضررا بليغا بسمعة بلادنا وبمجهوداتها على أكثر من صعيد”.
وشدد رئيس فريق التقدم والاشتراكية على ضرورة فتح نقاش الحكومة مع ممثلي الأمة، من أجل تبديد كل الالتباسات المحيطة بهذه الوقائع، وتفسير خلفيات وحيثيات هذه الأحداث وما يرافقها من تضارب القراءات والتأويلات؛ وكذا من أجل تدارس المؤسستين التنفيذية والتشريعية، بغض النظر عن احتمالات افتعال وقائع أو أحداث بعينها، للعوامل الكامنة وراء استجابة شباب وقاصرين ل “نداءات مشبوهة” من أجل الهجرة الجماعية وغير المشروعة، ولاسيما من حيث السياسات العمومية المفترض أن توجه لإخراج ملايين الشباب من وضعيات اجتماعية مقلقة.
كما أكد حموني على أن هذا النقاش بين الحكومة وممثلي الأمة ضروري أيضا من أجل تدارس كيفيات تعامل السلطات مع مثل هذه الأحداث، إن على المستوى الاستباقي أو على صعيد المعالجة البعدية، سياسيا وتواصليا وقانونيا وتنمويا وأمنيا.

< محمد توفيق أمزيان

Top