قمة الجزائر، قمة لتفريق الشمل

إن توقيت انعقاد القمة العربية بالجزائر مسألة مهمة ومناسبة لأنها تأتي في سياق صعب: الأزمات السياسية الداخلية في عديد من البلدان كالسودان، ليبيا، لبنان، اليمن، العراق، الصومال، إثيوبيا، سوريا إضافة إلى الهجمات اليومية على القضية الفلسطينية والأزمات الدولية الطاقية والغذائية والأمنية والبيئية.. والوضع العالمي المضطرب بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. كلها تحديات وظروف عالمية قاسية، تستوجب مضاعفة الجهود لإنجاح قمة الجزائر وذلك من خلال لم شمل الفصائل الفلسطينية وتحقيق المصالحة الوطنية وتجاوز الخلافات بين الدول العربية.
إن نجاح القمة العربية بالجزائر مرهون بالقاعدة العرب وبإرادتهم في القدرة على اتخاذ مواقف موحدة نحو وحدة الصف العربي، ومنع التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للبلدان العربية والسعي إلى لم الشمل لمنع الانقسام والخلاف.
من وجهة نظري، أرى بأن قمة الجزائر ينبغي أن تكون بداية حقيقية للعمل الموحد والمشاركة ولبناء تكتل اقتصادي عربي قوي خلال المرحلة القادمة عبر تبادل الخبرات وسياسات التكامل الاقتصادي وتبني سياسة التبادل الحر التي سبق أن أعلن عنها عاهل البلاد الملك محمد السادس سنة 2001 خلال إعلان أكادير..
إن البلدان العربية تمتلك إمكانات غنية وطاقة أحفورية ومتجددة وموارد طبيعية متنوعة ومؤهلات بشرية، ما يمكنها من تشكيل تكامل اقتصادي حقيقي وتعزيز العمل المشترك المنشود والمأمول.
ما أحوجنا إلى نموذج لتكامل اقتصادي عربي.
إن اتخاذ شعار قمة لم الشمل غير صحيح. لماذا؟ 
أولا، تغيب عديد من قادة الدول العربية: السعودية، لبنان، الأردن، المغرب، الكويت، الإمارات.. وهذا يطرح سؤالا عريضا: هل ستنجح القمة العربية في تحقيق أهدافها في غياب ثلث أعضائها؟
ثانيا: خروج الجزائر عن ضوابط العمل السياسي والأخلاقي. فقد تعمد حكام الجزائر بتر الصحراء المغربية من خريطة المغرب والمعترف بها من لدن محكمة العدل الدولية وباقي دول العالم. ما أقدمت عليه الجزائر يمثل مسا بأحد رموز ومقومات الدولة المغربية. فلماذا يتم التلاعب في خريطة المغرب في اليوم الأول من انطلاق أشغال القمة العربية؟ 
ثالثا: إبعاد حوالي 40 صحفيا مغربيا دون مبرر وحرمانهم من تغطية أشغال القمة العربية علما بأنهم يتوفرون على كل الوثائق منها التأشيرات. ومثل هذا السلوك العدواني الغير مبرر يمثل خرقا سافرا من الدبلوماسية الجزائرية وسلوكا عدوانيا حقودا.
وصفوة القول؛ ما أقدمت عليه الجزائر من سلوكات قبيحة يجعلنا نقول وبالواضح: إن قمة الجزائر هي قمة لم الشمل كما يدعي الإعلان الجزائري الرسمي هو ادعاء مجانب للصواب، الواقع هو أن قمة الجزائر هي قمة لتفريق الشمل.

خليل البخاري

 أستاذ مادة الاجتماعيات

Related posts

Top