صادق مجلس النواب، بالأغلبية، على مشروع القانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة وذلك خلال جلسة عامة تشريعية عقدها أول أمس الثلاثاء. وفي كلمة تقديمية لمشروع القانون، الذي حظي بموافقة 115 نائبا ومعارضة 41 نائبا وامتناع 4 نواب عن التصويت، أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن هذا النص التشريعي يسعى إلى وضع إطار قانوني متكامل للعقوبات البديلة سواء من حيث تأصيلها وفق القواعد الموضوعية لمجموعة القانون الجنائي المرتبطة بالعقاب، أو من خلال وضع آليات وضوابط إجرائية على مستوى قانون المسطرة الجنائية تهم تتبع وتنفيذ العقوبات البديلة. وأوضح الوزير أن هذا القانون يؤسس لسياسة عقابية ناجعة تهدف إلى تجاوز الإشكالات التي تطرحها العدالة الجنائية خاصة ما يرتبط بالعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة في علاقتها بمعضلة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، خاصة عبر إضافة عقوبة الغرامة اليومية وفتح المجال للمحكوم عليهم بعقوبات مكتسبة لقوة الشيء المقضي به في إمكانية الاستفادة من جديد من العقوبات البديلة. كما يهدف مشروع القانون، يضيف الوزير، إلى إيجاد حلول للإجرام البسيط وفق مقاربة تأهيلية وإدماجية بعيدة عن السجن وغرس روح المواطنة والواجب والالتزام خاصة من خلال عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة، علاوة على المساهمة في الحد من حالات الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية. وفي هذا الإطار، أبرز الوزير أن نصف الساكنة السجنية محكوم بعقوبات قصيرة المدة “الشيء الذي يؤثر على العديد من البرامج والخدمات المعدة من قبل الإدارة المكلفة بالسجون من جهة، ويرفع من التكلفة المالية للسجناء من جهة أخرى”. وتابع أن أهمية المشروع لا تقتصر على مسألة الاكتظاظ فقط، بل تعكس مسايرة توجه مشروعين ملكيين ساميين طموحين يروم الأول بالأساس أنسنة السياسة الجنائية بما فيها السياسة العقابية “والتي ما فتئ يؤكد جلالة الملك محمد السادس على النهوض بها في مناسبات متعددة عبر خطبه ورسائله الملكية السامية”. فيما يتعلق الثاني، يضيف الوزير، بالنموذج التنموي الجديد الذي جعل من رافعات التحول العنصر البشري وخاصة فئة الشباب في توسيع فرص ودائرة مشاركتهم وغرس روح المواطنة والمبادرة والالتزام بالحقوق والواجبات. من جانبهم، أكد النواب والنائبات في مداخلاتهم خلال هذه الجلسة، أن هذا النص سيشكل لبنة مهمة لإصلاح منظومة العدالة لاسيما السياسة العقابية، بالإضافة إلى إيجاد حل لمشكلة اكتظاظ السجون و تدابير الاعتقال الاحتياطي. وأقر النواب البرلمانيون بالمقتضيات الإيجابية التي وردت في مشروع القانون والتي تروم استبدال مفهوم العقاب والزجر بتقويم وتأهيل الجاني من أجل إعادة الإدماج في المجتمع، داعين في هذا الإطار إلى تحقيق الانسجام مع مشروع القانون الجنائي في إطار مقاربة شمولية للسياسة.
تنظيم وتدبير المؤسسات السجنية
وصادق مجلس النواب أيضا، بالأغلبية، على مشروع القانون رقم 10.23 المتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية.
وفي كلمة تقديمية لمشروع القانون، الذي حظي بموافقة 115 نائبا وامتناع 45 نوابا عن التصويت، دون معارضة أي نائب، أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن هذا النص التشريعي يأتي تجسيدا لتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس بحماية حقوق الإنسان وجعلها في صلب المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي يقوده جلالته ومن ذلك صيانة كرامة الفئات الهشة والنهوض بوضعيتها الاجتماعية كنزلاء المؤسسات السجنية.
وأضاف وهبي في كلمة تلاها نيابة عنه الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان مصطفى بايتاس، أن هذا النص يأتي كذلك في إطار تنزيل أحكام دستور 2011 خاصة الفصل 23 منه الذي نص على تمتع كل شخص معتقل بحقوق أساسية وبظروف اعتقال إنسانية، فضلا عن إمكانية استفادته من برامج للتكوين وإعادة الإدماج.
وأبرز أن إعداد مشروع القانون تم في إطار مقاربة تشاركية واسعة تمت فيها بشكل خاص مراعاة انخراط المغرب في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، كما تم استحضار مختلف معايير الأمم المتحدة الواجبة التطبيق على معاملة السجناء، مشيرا إلى مجموعة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء 1957 ومجموعة مبادئ حماية الأشخاص الخاضعين لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن ومدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين 1978.
وأفاد المسؤول الحكومي أن هذا القانون يتضمن كذلك مقتضيات متعلقة بالحفاظ على سلامة السجناء والأشخاص والمباني والمنشآت المخصصة للسجون والمساهمة في الحفاظ على الأمن العام وضمان حقوق النزلاء وأمنهم والنهوض بأوضاعهم الإنسانية وإصلاح وتقويم سلوك السجناء وإعادة ادماجهم داخل المجتمع.
وتم في هذا النص التشريعي، يضيف الوزير، تعزيز المقتضيات المتعلقة بالقواعد الخاصة لحماية الفئات الهشة المحرومة من حريتها ومراعاة لاحتياجاتها الفردية كالنساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة تيسيرا لها للتأقلم مع ظروف الاعتقال وتهييئها للاندماج السريع في المجتمع بعد قضاء فترة العقوبة المحكوم بها، بالإضافة إلى إضفاء الطابع الإنساني على ظروف العيش بالسجون كفضاء للتأهيل الاجتماعي للاشخاص المحرومين من حريتهم.
من جانبهم، سجل النواب والنائبات أن هذا النص التشريعي يمكن من تجاوز بعض مظاهر الاختلال التي تعرفها المؤسسات السجنية، كما ي عزز الترسانة القانونية لمواصلة الإصلاحات الهيكلية التي يقودها جلالة الملك محمد السادس في مجال أنسنة ظروف الاعتقال وإعمال فلسفة حقوق الإنسان وتعزيز برامج تأهيل وإدماج السجناء في المجتمع.
وشددوا على ضرورة التسريع بمراجعة المنظومة الجنائية بشكل شمولي وملاءمة مشروع قانون المؤسسات السجنية مع مختلف القوانين ذات الصلة بإصلاح منظومة العدالة وضمنها قانون العقوبات البديلة بالإضافة إلى القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية.
كما أكد النواب على أهمية هذا النص القانوني في معالجة إشكالية الاكتظاظ مع تعزيز حقوق السجناء المكفولة دستوريا، وذلك بما يضمن النجاعة والحكامة على مستوى الخدمات المقدمة للساكنة السجنية.