أصحاب البذلة السوداء يحتجون أمام البرلمان ضد مشروع المسطرة المدنية

في انتظار ما سيؤول إليه مصير مشروع قانون المسطرة المدنية الذي من المقرر أن ينظر فيه أمام مجلس المستشارين، يواصل المحامين والمحاميات حركتهم الاحتجاجية، حيث نزل الآلاف من أصحاب البذلة السوداء، يوم السبت الماضي، إلى الشارع وسط العاصمة الرباط، وتحديدا أمام مقر البرلمان، مستنكرين منطوق مشروع قانون المسطرة المدنية الذي صوت عليه مجلس النواب في جلسة عامة، يوم الثلاثاء الماضي، معبرين بذلك عن الغضب الذي يعم صفوفهم اتجاه ما حمله هذا النص التشريعي، ومتهمين الحكومة بالمساس بمهنة المحاماة عبر التقليص من مساحة الإنابة عن المتقاضين في بعض الدعاوى، وكذا المس بحق المواطن في التقاضي الذي يكفله الدستور، والاستقواء بدور النيابة العامة، وإطلاق يدها بدعوى حماية النظام العام.
وشهدت الوقفة التي شارك فيها أغلب نقباء الهيئات السبعة عشر للمحامين، والمحامون والمحاميات من مختلف مناطق المغرب، رفع شعارات تندد بالخرق السافر الذي قامت به الحكومة والذي اعتبروه استعداء لمهنة المحاماة وضربا لدولة الحق والقانون، منددين بمرامي الحكومة تقزيم دور هيئة الدفاع وترك المواطنات والمواطنين وحدهم في مواجهة قوانين قد لا تكون لهم دراية أو خبرة بدروبها نظرا لعقد مساراتها الإجرائية.
ويراهن المحاميون والمحاميات على مجلس المستشارين من أجل معالجة النواقص والثغرات التي طبعت نص مشروع المسطرة المدنية، والأخذ بعين الاعتبار المقترحات التي سبق ورفعتها جمعيات هيئات المحامين بالمغرب لوزير العدل وتم تجاهلها بشكل غير مفهوم، وفق تصريح المحامي، نوفل حريش ، عضو المكتب الوطني لقطاع محاميي التقدم والاشتراكية وعضو المكتب الفيدرالي لفيدرالية المحامين الشباب بالمغرب، في اتصال هاتفي أجرته معه جريدة بيان اليوم.
هذا الأخير أفاد أن المحاميات والمحامين المنتمين لجمعيات هيئات المحامين بالمغرب،» لم يخرجوا عبثا للاحتجاج بل جاء ذلك بعد الانقلاب الذي أقدمت عليه الحكومة على المقاربة التشاركية، حيث عمدت الحكومة إلى تسريع مسار اعتماد النص ورمت بكل مقترحات التعديلات التي تقدم بها المحامون في سلة المهملات»
واستغرب نوفل حريش من هذه الازدواجية التي مارست بها وزارة العدل دورها حيث تدعي على مستوى الخطاب، يقول المتحدث، أمرا وتأتي عكسه على مستوى الميدان والممارسة…
وكشف حريش لبيان اليوم، أن المحاميات والمحامين يتطلعون بكل أمل إلى أن يلعب مجلس المستشارين دوره بتصحيح المسار، كاشفا أن جمعيات هيئات المحامين بالمغرب بصدد إعداد مذكرة جديدة تتضمن التعديلات التي تقترحها بشأن منطوق النص، حيث سيتم رفعها لرؤساء الفرق بالغرفة النيابية الثانية، على أمل أن يتم استغلال هذه الفرصة وتدارك الأمر بإخراج نص يلائم مضامين الدستور الذي يكفل حق التقاضي والمحاكمة العادلة كما يراعي سمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية .
ومن جانبه، اعتبر محمد الغلوسي، محامي بهيئة مراكش، في تدوينة له على صفحته بأحد مواقع التواصل، أن مواد نص مشروع قانون المسطرة المدنية الذي عملت الحكومة على تمريره تشكل انقلابا حتى على قانون المسطرة المدنية الحالي، متهما الحكومة باستغلال العطلة القضائية لتمرير هذا المشروع الذي صادق عليه مجلس النواب، وذلك حتى تتجنب أي احتجاج أو ردود أفعال، معلنا أن الحكومة فعلت ذلك بسوء نية لأنها واعية بأن المشروع يتضمن مواد تشكل انقلاباً حتى المسطرة المدنية الحالية، لكونه مشروع يهدد المواطنين بغرامات مالية وكأنه يوجه لهم تحذيرا إن حاولوا أن يمارسوا حقهم في التقاضي، المضمون دستوريا وبمقتضى المواثيق الدولية .
ووصف الغلوسي خطوة الحكومة التي يمثلها هذا المشروع بكونه انتكاسة وردة حقوقية، قائلا» يبدو من خلال منطوق هذا النص»أنه لو كان بالإمكان تضمينه عقوبات حبسية لما تردد وزير العدل في ذلك، موجها نداء إلى الغرفة الثانية للتصدى لهذا التوجه الذي يهدد المكتسبات الحقوقية ويمس بالأمن القانوني والقضائي للبلاد».
هذا وأشار الغلوسي، أن المحامون أجبروا على الاحتجاج ولم يختاروا ذلك بل فرض عليهم لأنهم لم يجدوا مخاطبا رسميا مسؤولا ولذلك، وفق قوله» فإنهم يتطلعون إلى أن يتدخل فاعلون آخرون لتصحيح هذا الوضع الذي وصفع بالشاذ»، وأكد في هذا الإطار أن جمعيات هيئات المحامين بالمغرب،
منفتحون على كل حوار جدي ومسؤول يفضي إلى إخراج قوانين عصرية تستلهم المبادئ الدستورية والحقوقية ذات الصلة بالحق في التقاضي وفي الولوج إلى العدالة دون قيود وفي مساواة الناس أمام القانون وتساهم في تحقيق الأمن القانوني والقضائي.

> فنن العفاني

Top