الانتخابات المقبلة

طفا منذ أيام جدل إعلامي (صغير) بشأن تصريحات نسبت لوزير الداخلية تتعلق بموعد الانتخابات الجماعية المرتقبة، وهو الموضوع الذي يذكرنا بمسلسل من الاستحقاقات ينتظر بلادنا في المقبل من الشهور، وذلك بغاية تجديد المجالس المحلية والإقليمية والجهوية، والغرف المهنية وممثلي المأجورين للوصول بالتالي إلى انتخاب الغرفة البرلمانية الثانية وفق الهيكلة المؤسساتية التي نص عليها الدستور الجديد.
الأمر يتعلق إذن بمؤسسات الديمقراطية المحلية، وبالآليات التمثيلية المرتبطة أكثر بالواقع اليومي للساكنة، وبقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تطرحها مطالب شعبنا اليوم، ومن ثم، فان هذه المحطة تستدعي كثير يقظة وإعداد وجدية.
وفي السياق نفسه، فان الفضائح التي تطفو بين الفترة والأخرى في هذه الجماعة أو تلك، تجعلنا اليوم أمام تحدي إنجاح التغيير الحقيقي في كامل منظومتنا الجماعية، وذلك حتى تكون هذه المؤسسات رافعات حقيقية للتنمية.
لقد أصيبت أكبر مدينة في المغرب بالشلل جراء ما يعيشه مجلسها المحلي، وعانت مدن مثل: مراكش وفاس وبعض جماعات الرباط، وطنجة وتطوان من كثير اختلالات وفضائح وعبثيات، علاوة على مشاكل أخرى في جماعات قروية وفي مدن صغيرة ومتوسطة.
اليوم من الضروري الاستفادة من دروس هذا الواقع، والحرص على عدم تكراره، وبالتالي جعل الانتخابات المقبلة مناسبة للتغيير، ولتحفيز نخب ذات مصداقية وكفاءة وخبرة ونزاهة كي تنخرط في الفعل الانتخابي، وفي النهوض بجماعاتنا المحلية.
من جهة أخرى، فان بروز قضايا بعينها على رأس المطالب المعبر عنها في الاحتجاجات الاجتماعية بأكثر من مدينة ومنطقة (آخرها تازة)، مثل المشاكل المترتبة عن التدبير المفوض لبعض القطاعات(الماء والكهرباء…)، وغياب فرص الشغل محليا وجهويا، وضعف برامج ومشاريع التنمية، وغموض وفساد التسيير…، كل هذا يفرض اليوم استحضار السياق، والوعي بحاجة المغرب إلى منتخبين جماعيين من مستويات مختلفة، وخصوصا على صعيد المصداقية والنزاهة، وأيضا الكفاءة التدبيرية، والقدرة على الإقناع السياسي، والقدرة على التدخل، وليس الفرار، أثناء تطور الاحتقانات والتوترات الاجتماعية.
ان الانتخابات الجماعية المقبلة، وخصوصا محطة الإعداد لها، يجب أن تشكل مناسبة لإحكام الاختصاصات والعلائق بين أطراف المنظومة، وأيضا مناسبة لبلورة الأجوبة عن كل الاختلالات التي تشهدها مستويات وأشكال الخدمة المقدمة لهم يومي (مرافق الجماعة، فواتير الماء والكهرباء، النظافة والتطهير، البناء والتعمير، البحث عن المشاريع والاستثمارات، التنمية الاجتماعية والثقافية…)، لأنه في هذه المجالات أساسا ينتشر الفساد والزبونية وتغيب الحكامة الجيدة والنجاعة، وجراء هذه القضايا يحدث الاحتقان والتوتر.
المحطة الانتخابية القادمة تتطلب حسن قراءة الواقع ومؤشرات المستقبل، وتستوجب الكثير من الجدية والحزم في القرار السياسي والتشريعي والتنظيمي، كما أنها أيضا تفرض الالتزام بالورش الإصلاحي الذي انطلق بإقرار الدستور الجديد، ويتضمن مراحل أخرى لابد من استكمالها.

[email protected]

Top