المغرب دولة مؤسسات وقانون

تناقلت صحف ومواقع الكترونية وبلاغات لبعض الجمعيات في الفترة الأخيرة أخبارا تتعلق بأشخاص في بعض مناطق البلاد يوقفون السيارات لمراقبة البطائق الوطنية، ويهاجمون محلات لبيع المشروبات الكحولية، وينادون بكونهم يحاربون الفواحش والرذائل على طريقة بعض الميلشيات المعروفة في بلدان خليجية، وقد قللت وزارة الداخلية من حجم هذه الأحداث، وأكدت أنه لا وجود لأي لجن شعبية أو مجموعات شبابية في بعض مدن المملكة أوكلت لنفسها مسؤولية محاربة الفساد والممارسات المخلة بالأخلاق العامة٬ مؤكدة أن الأمر يتعلق بمبادرات شخصية معزولة تم تضخيمها وإخراجها عن سياقها.
ومن خلال بلاغ الداخلية، أو ما تتناقله مجالس الحديث، يبدو ألا دخان بدون نار، وأن عديد وقائع حصلت فعلا، سواء في عين اللوح أو في سيدي قاسم أو في القنيطرة أو في تمارة أو في آقا، أو في غيرها، كما أن بعض الممارسات المشابهة تحصل في بعض الجامعات أيضا، والجامع في كل هذا أن أشخاصا من تيارات دينية متطرفة قرروا تطبيق (قوانينهم) ورؤيتهم على أرض الواقع، وبأساليبهم القريبة جدا من سلوك المافيات، وكأننا بعد في عصر ما قبل الدولة.
قد يكون الأمر مجرد أفعال فردية في بعض المناطق، لكن تكرار الأحداث يرجح وجود تفكير /جماعي/ لدى تيار أو جماعة محددة، وعلى كل حال تاريخ حركتنا الطلابية يفيد في معرفة الجهة الظلامية التي اعتادت على مثل هذه الممارسات المافيوزية والإجرامية، ومن هنا تبرز اليوم الحاجة الملحة لتذكير مثل هذه الأوساط بأن المغرب دولة قانون ومؤسسات، وبأن للقانون هيبته، فضلا على أن كل تغاضي عن مثل هذه الظواهر يتيح لها أن تتطور وتكبر وتتوسع نحو ميادين أخرى في المجتمع.
ولقد تابعنا في الفترة الأخيرة اختراق التعبير الغبي حول (الفن النظيف) و(السينما النظيفة) لبعض كتاباتنا الصحفية، ما يدفعنا إلى التنبيه إلى خطورة مثل هذه المنزلقات، حتى وان كانت لحد الآن لم تتجاوز مستوى الكلام والتعبير عن الآراء.
لقد شدد بلاغ وزارة الداخلية على أن «المغرب دولة الحق والقانون٬ ولن يسمح لأي تطاول على اختصاصات مؤسساته الأمنية»٬ وعلى أن «السلطات المختصة لن تتوانى في التصدي بكل حزم وصرامة لكل من سولت له نفسه محاولة القيام بالدور الموكول للأجهزة الأمنية المختصة في الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين»، ويتطلع المواطنون إلى تنزيل هذا الإصرار إلى الأرض، والعمل على فرض القانون على الجميع، ومواجهة كل من يسعى إلى جر بلادنا إلى مراحل الجهل التي تجاوزتها البشرية منذ قرون.
إن المطالبة بفرض هيبة الدولة والقانون ليس مدعاة للخجل، فمطلب الدولة القوية بقوة القانون وباختياراتها الديمقراطية والتنموية هو مطلب ديمقراطي جوهري، وتحقيق الأمن والطمأنينة والسلامة للناس هو حق للمواطنين تجاه الدولة وواجب على أجهزة ومؤسسات هذه الأخيرة.

[email protected]

Top